٩
جهاد الضعفاء و نحن الضعفاء، أما انه ليس شيء أفضل من الحج الا الصلاة، و في الحج هاهنا صلاة، و ليس في الصلاة قبلكم حج، لا تدع الحج و أنت تقدر عليه، أما ترى أنه يشعث فيه رأسك و يقشف فيه جلدك و تمتنع فيه من النظر الى النساء، و انّا نحن هاهنا و نحن قريب و لنا مياه متصلة، ما تبلغ الحج حتى يشق علينا، فكيف أنتم في بعد البلاد، و ما من ملك و لا سوقة يصل إلى الحج إلا بمشقة في تغيير مطعم أو مشرب أو ريح أو شمس لا يستطيع ردها، و ذلك قوله عز و جل وَ تَحْمِلُ أَثْقٰالَكُمْ إِلىٰ بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بٰالِغِيهِ إِلاّٰ بِشِقِّ اَلْأَنْفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ ١.
الى غير ذلك من الروايات الكثيرة في ثواب الحج و فضله و تفضيله على كثير من العبادات كالعتق و الصدقة و غيرها.
أقول: و للحج شأن عظيم، فانه الذي قد كان بدعوة اللّه عز و جل الى بيته، و الداعي هو اللّه العلي العظيم، و هو أعلى و أعظم من كل شيء، و رقعة الدعوة أعلى الرقع و أجل و أعزّ المكتوب، و هو القرآن المجيد بقوله تعالى وَ لِلّٰهِ عَلَى اَلنّٰاسِ حِجُّ اَلْبَيْتِ مَنِ اِسْتَطٰاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً ، و الواسطة في ايصال الرقعة و المكتوب أعظم الرسل و أشرف الأنبياء و خاتم النبيّين صلى اللّه عليه و آله، و المدعو هو العبد الذليل الحقير المسكين مع تهيئة وسائل السفر الى بيته و إعطاء الزاد و الراحلة و غير ذلك له. فمع عدم قبول هذه الدعوة و عدم الاعتناء بشأنها يكون هو المستحق للتهديد بقوله تعالى وَ مَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اَللّٰهَ غَنِيٌّ عَنِ اَلْعٰالَمِينَ .
و الحج جامع لرموز و مصالح شتى من المصالح السياسية و الاجتماعية و الاقتصادية و الأخلاقية التي لا توجد في سائر العبادات، مع جامعيته لكمال العبودية و التذلل و التعبد و رفض الامتيازات و الشهوات و اللّذات، و ركوب المشقات، و رفض الكبر و الجبروت و الخيلاء، و لبس لباس الأموات المنقطعين عن الدنيا و الواردين في القبور، و كون الحجّاج