10
متّحدي الشكل من حيث اللباس و الهيئة و العمل في صف واحد، دون فرق بين الغني و الفقير و القوي و الضعيف و السلطان و الرعية و الحر و العبد، و جميع فئات المسلمين من الممالك المختلفة الأبيض منهم و الأسود منهم بلا ميز و لا امتياز، كلهم مشغولون بأداء المناسك المخصوصة الموظفة، مع اجتماعهم في جميع ذلك في صف واحد.
كل ذلك مع كون أكثر هذه النسك و العبادات مما تخفى مصالحها و حكمها و رموزها على أغلب الناس. و الإتيان بذلك أخلص في التعبد و العبودية، لأنّه لم ير العبد في العمل بها فائدة و مصلحة إلا الامتثال لأمر المولى عز و جل و الإتيان بالوظيفة التي جعلها اللّه تعالى على عباده.
هذا، الى غير ذلك من الخصوصيات التي تختص بالحج، و لو أردنا أن نفصل في توضيح كل واحد منها لطال الكلام بل ينتهي الى كتاب مستقل لها.
و من الآثار و الفوائد المهمة الاجتماعية السياسية المترتبة على هذا العمل الرفيع العظيم التي غفل عنها المسلمون في طول الزمان و لم يستفيدوا منها، هي أن هذا المجتمع العظيم الذي يجتمع من أقطار الدنيا في كل سنة في هذا المكان مع الإتيان بهذه النسك التي أزالت عنهم البينونة و التكبر و أكثر الأهواء الفاسدة و الفوارق القومية و اللونية، عليهم أن يجتمعوا بعد الفراغ من هذه الأعمال و النسك في محل للمشاورة في أمور المجتمع الإسلامي و اتخاذ التصميمات اللازمة لرفع الاحتياجات و النواقص في أمورهم الاقتصادية و التجارية و الثقافية و الاجتماعية و غيرها، و أخذ التصميمات القاطعة الصارمة في مقابل الكفار و المشركين، و يكونوا سدودا قوية في مقابلهم، بحيث لا يكون لهم عليهم سلطة و سيطرة، و يكونوا في صيانة و أمان عن تعدياتهم و هجومهم، دون حاجة اليهم في أي أمر من الأمور بل يكون الكفار هم المحتاجون اليهم، و دون أن يكون لهم أي سبيل على المؤمنين كما قال عزّ من قائل وَ لَنْ يَجْعَلَ اَللّٰهُ لِلْكٰافِرِينَ عَلَى اَلْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً و على