24
له لهلك أو يمرض مرضا شديدا و لكن المولى لم يعلم بذلك حتى يدّخر الماء بنفسه أو يأمر العبد بادخار الماء، فلو تساهل العبد في تحصيل الماء و ادّخاره لموقع لزومه يحكم العقلاء بقبح عمل العبد و استحقاقه للعقاب بواسطة تفويته الغرض الملزم للمولى، و يكون سبب تفويت غرض الآمر هو العبد فيكون مستحقا للعقاب.
و الحاصل كل ما يكون الملاك الملزم للحكم تاما فيما يأتي من الزمان القادم و ان لم يكن الملاك فعلا موجودا و العبد يعلم بحدوث الملاك الملزم للحكم، و يعلم العبد بذلك و بأن المولى سيأمره باتيان العمل إن كان قادرا على إتيانه، و مع ذلك لا يحفظ قدرته لإتيان العمل في وقته و يصير عاجزا عن الإتيان في وقته و حينئذ لا يمكن للمولى أن يأمره لقبح تكليف العاجز، و لكنه أصبح عاجزا بسوء اختياره و بعجز المولى عن الوصول الى غرضه الملزم الذي هو روح الحكم بالتكليف له، ففي وقت العملو ان كان العمل ممتنعا عليه- غير أنه انما كان هذا الامتناع بالاختيار، و القاعدة المسلمة عند العقلاء أن الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار عقابا لا تكليفا.
ففي وقت العملو ان لم يكن أمر و حكم من المولىإلا أنه بواسطة قبح أمره، لأن أمر العاجز عن الفعل و غير القادر عليه قبيح فلا يصدر من المولى الحكيم، و العبد و إن لم يكن قادرا حينئذ على العمل و لكنه كان بسوء اختياره، فانه كان قادرا على حفظ قدرته و لم يحفظها مع علمه بالحال و أنه يحصل الملاك فيما يأتي.
هذا في الموالي الظاهريين الذين يمكن عليهم الجهل و الغفلة عما وقع أو عما يقع و عدم التفاتهم الى الأمور أو عدم تمكنهم من الأمر حين تمامية الملاك بجهة من الجهات واضح، إذ لا إشكال في حكم العقل بذلك و باستحقاق العبد للعقاب، لأنه السبب الوحيد لتفويت الملاك و غرض الآمر، فإن الآمر بواسطة جهله و عدم التفاته أو عدم تمكنه بجهة من الجهات يكون معذورا في عدم الأمر الى تهيئة الأسباب و المقدمات، فيكون التقصير