22
تجب مقدماته عقلا فعلا.
لكن من لم يلتزم بالواجب المعلّق لا بد له من التشبث بالخطاب المتمّم الذي فيه كلام و مناقشة، أو التشبث بوجوب المقدمات المفوتة، و لا بأس ببيان المطلب بوجه أبسط:
قد يستشكل على القول بوجوب المبادرة الى تهيئة أسباب السفر بعد حصول الاستطاعة للحج مع أن زمان الواجبو هو المناسك المخصوصةيكون في الموسم و قبل مجيء ذلك الموسم لا يكون وجوب للمناسك، فكيف تجب مقدماتها قبل وجوب ذيها؟ فان وجوب المقدمةسواء كان وجوبا عقليا أو شرعياإنما يكون مترشحا من وجوب ذيها، و قبل وجوب ذي المقدمة كيف تجب المقدمة؟
فيه: أن هذا الإشكال انما يأتي على القول بامتناع الواجب المعلق، فلا بد من رفعه، و يرتفع أما على القول بامكان الواجب المعلّق و وقوعه كما هو الحق فلا اشكال فيه أصلا، فإن هذا الإشكال مبني على كون اللازم اتحاد زمان الوجوب مع زمان الواجب، فيشكل الأمر. و أما بناء على عدم لزوم ذلك بل يمكن اختلاف زمان الوجوب مع زمان الواجب، بأن يكون الوجوب حاليا و الواجب استقبالياكما هو المبنى لجواز الواجب المعلّقفانه قد حررنا البحث في جوازه و أثبتنا جوازه و وقوعه و الرد على الوجوه التي ذكرت لامتناعه، و تشهد على جوازه ظواهر بعض الأدلة الشرعية:
«منها» قوله عز و جل وَ لِلّٰهِ عَلَى اَلنّٰاسِ حِجُّ اَلْبَيْتِ مَنِ اِسْتَطٰاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً ، فان الظاهر منه أنه بعد الاستطاعة و استجماع الشرائط فمن حين الاستطاعة يصير الحج واجبا على المستطيع قبل الموسم و قبل حضور زمان الواجب و هو المناسك المخصوصة. و معلوم بعد تحقق وجوب الحج عند حصول الاستطاعة قبل حضور زمان الواجب لا إشكال في وجوب مقدماته، فان وجوب المقدمة مترشح من وجوب ذي المقدمة لا من حضور زمان الواجب، و بعد حصول وجوب ذي المقدمة لا اشكال في البين.