17
واحدة، أجبر القوم و ألجأهم الى التوسل الى هذه المحامل التي هي على خلاف الظاهر و خلاف الإطلاق مع عدم رفع التعارض في بعضها، و لكن مضافا الى مسلّمية عدم وجوب حجة الإسلام في العمرة إلاّ مرة ظهور تام للنص في عدم الوجوب، فانه ذكر فيه الحكم مع علته، فيمكن أن يكون قرينة في التصرف في الأخبار المعارضة.
و أقرب تلك المحامل احتمالان:
أحدهما: أن يكون المراد من فرض الحج في كل عام أن وجوب الحج ليس محدودا بزمان دون زمان، بل هو ثابت في كل زمان و عام، كما روي أنه قيل لرسول اللّه صلى اللّه عليه و آله: أ حجّنا لعامنا هذا أم للأبد؟ فقال صلى اللّه عليه و آله: بل للأبد.
و هذا الاحتمال و إن كان خلاف الظاهر، إلا انّه لا محيص من أن يصار اليه أو مثله بما ذكرنا من القرينة.
و أظهر من هذا الاحتمال حمل فرض الحج في كل عام في النص على مطلق الثبوت لا الثبوت الوجوبي، لأن دليل عدم الوجوب نص في عدم وجوب الأكثر، و غاية ما يمكن في الدليل المعارض هو الظهور التام، و حمل الظاهر على النص جائز. فعلى هذاو إن كانت الروايات الدالة على وجوب الأزيد أكثر و ظاهرة في الوجوب في غاية الظهورإلاّ أنها لا تصل إلى حد النصوصية، فحينئذ يكون النص على خلافها قرينة على أن المراد خلاف الظاهر، و هو تأكد الاستحباب. و تشهد على ذلك روايات كثيرة مصرحة باستحباب تكرر الحج على قدر الإمكان:
«منها» عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: الحج و العمرة سوقان من أسواق الآخرة، اللازم لهما في ضمان اللّه، إن أبقاه أداه الى عياله و ان أماته أدخله الجنة 1.
«و منها» ما عن ابن (أبي) الطيار قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: حجج تترى