55
أحدهما: خبر أبي الربيع الشامي قال: «سُئل أبو عبد اللّٰه (عليه السلام) عن قول اللّٰه عزّ و جلّ . . . وَ لِلّٰهِ عَلَى اَلنّٰاسِ حِجُّ اَلْبَيْتِ مَنِ اِسْتَطٰاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً. . . إلى أن قال: هلك النّاس إذن لئن كان من كان له زاد و راحلة قدر ما يقوت عياله و يستغني به عن الناس يجب عليه أن يحجّ بذلك، ثمّ يرجع فيسأل الناس بكفّه لقد هلك اذن الحديث» 1.
ثانيهما: دليل نفي العسر و الحرج، فإنّ السفر إلى الحجّ إذا استلزم تعطيل معاشه و إعاشة عياله لو عاد إلى بلده، لا يجب لوقوعه في الحرج.
و كلا الأمرين لا يجري في الاستطاعة البذليّة، أمّا الخبر فمورده الاستطاعة الماليّة لأمره (عليه السلام) بصرف بعض ماله في الحجّ و إبقاء بعضه لقوت عياله، و لا إطلاق له يشمل الاستطاعة البذليّة. هذا مضافاً إلى ما ذكرنا سابقاً 2أنّ هذه الزيادة مرويّة على طريق المفيد و طريقه إلى أبي الربيع مجهول.
و أمّا دليل نفي الحرج فكذلك لا يأتي في الاستطاعة البذليّة، لأنّ المفروض أنّ المبذول له لا يصرف شيئاً من المال في الحجّ و إنّما مصارفه على الباذل، و يكون حاله بعد الحجّ كحاله قبل الحجّ فلا يقع في الحرج بسبب سفره إلى الحجّ، بخلاف الاستطاعة الماليّة فإنّه لو صرف جميع ما عنده من المال في الحجّ بحيث لو رجع إلى بلاده و لا مال له لكفاية نفسه و عياله يكون سفره إلى الحجّ مستلزماً لوقوعه في الحرج فيرتفع وجوبه.
نعم، لو وقع في الحرج من جهات أُخر و لو على سبيل الندرة يسقط الوجوب بالبذل أيضاً، كما لو فرضنا أنّ الشخص كسبه منحصر في خصوص أشهر الحجّ، و لو سافر إلى الحجّ في هذه الأشهر لا يتمكّن من الكسب أصلاً و يتعطّل أمر معاشه في طول السنة.