5
. . . وَ لِلّٰهِ عَلَى اَلنّٰاسِ حِجُّ اَلْبَيْتِ مَنِ اِسْتَطٰاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَ مَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اَللّٰهَ غَنِيٌّ عَنِ اَلْعٰالَمِينَ
1
. و من ثمّ وقع الكلام في التوفيق بين الطائفتين المتعارضتين.
و يمكن الجمع بينهما بوجوه:
الأوّل: حمل الطائفة الثّانية على الاستحباب كما عن الشيخ 2(قدس سره) .
و فيه: أنّه ينافيه قوله: «فرض الحجّ على أهل الجدة في كلّ عام» خصوصاً مع استشهاده (عليه السلام) بالآية الكريمة.
الوجه الثّاني: حملها على الوجوب البدلي، بمعنى وجوب الحجّ عليه في العام الأوّل فإن تركه يجب عليه في العام الثّاني و هكذا.
و فيه: أنّ الوجوب البدلي بهذا المعنى ممّا يقتضيه طبع كلّ واجب و لا يحتاج إلى أن يبيّنه الإمام (عليه السلام) فإنّ الواجب يجب الإتيان به متى أمكن، فإن عصى و لم يأت به في الآن الأوّل يجب امتثاله في الآن الثّاني و هكذا، و العصيان في الزمان الأوّل لا يوجب سقوط الوجوب و لزوم الإتيان به في الزمان الثّاني.
الوجه الثّالث: ما ذكره صاحب الوسائل من حمل الوجوب على الوجوب الكفائي بمعنى أنّه يجب الحجّ على كلّ أحد في كلّ عام على نحو الوجوب الكفائي 3.
و الجواب عنه: أنّه لا يجتمع ذلك مع ظهور الروايات في الوجوب العيني، مضافاً إلى أنّ الالتزام بالوجوب الكفائي يتوقف على تعطيل الكعبة، و أمّا إذا فرض عدم تعطيلها و لا أقل من أداء أهل مكّة الحجّ فلا موجب للوجوب الكفائي على سائر المكلّفين.
فالصحيح أن يقال في وجه الجمع: إنّ هذه الطائفة من الروايات ناظرة إلى ما كان يصنعه أهل الجاهليّة، فإنّهم كانوا لا يحجّون في بعض السنين القمريّة، و كانوا يعدّون الأشهر بالحساب الشمسي و يؤخِّرون الأشهر عمّا رتّبها اللّٰه تعالى، و إلى ذلك يشير