47
نعم، إذا تصرّف فيه ببيع أو هبة أو عتق أو غير ذلك حكم بصحّة التصرّف و إن كان آثماً بتفويته الاستطاعة (1) .
تنجّز الوجوب عليه بمجرّد حصول الاستطاعة من الزاد و الرّاحلة و تخلية السرب و صحّة البدن، من دون فرق بين حصولها في أشهر الحجّ أو قبلها أو قبل خروج الرفقة أو قبل التمكّن من المسير أو بعده، فمتى حصلت الاستطاعة يتنجز الواجب عليه، و أشهر الحجّ إنّما هو ظرف للواجب لا للوجوب، فالوجوب المستفاد من الأدلّة غير محدّد بوقت خاص، و لذا لو استطاع قبل أشهر الحجّ و فرضنا أنّه لا يتمكّن من الوصول إلى الحجّ لو سافر في شهر شوال لبعد المسافة كما في الأزمنة السابقة بالنسبة إلى البلاد البعيدة يجب عليه السفر في زمان يمكنه الوصول إلى الحجّ و لو في شهر رجب أو قبله، فلا عبرة بأشهر الحجّ و لا بغير ذلك ممّا ذكروه.
لما ذكرنا في الأُصول أنّ النهي في المعاملات لا يقتضي الفساد 1، و حاصل ما ذكرنا هناك: أنّ المعاملات كالبيع مثلاً مركبة من أُمور ثلاثة لا رابع لها، و هي الاعتبار الشرعي أو العقلائي، و المبرز بالكسر و المبزر بالفتح أي اعتبار نفس البائع.
أمّا الاعتبار الشرعي أو العقلائي فلا يعقل تعلّق النهي به، لأنّه خارج عن تحت اختيار البائع أو المشتري، إذ ليس ذلك بفعله و إنّما هو فعل الشارع، فما يصح تعلّق النهي به إمّا المبرز بالكسر أو المبرز بالفتح و مجرّد النهي عن أحدهما أو كليهما لا يقتضي الفساد، بل أقصاه دلالته على المبغوضية، و لا ينافي ذلك ترتب أثر البيع عليه، فإنّه من قبيل غسل الثوب بالماء المغصوب، فإنّه و إن كان محرّماً و لكن يطهر الثوب به جزماً.
نعم، لو تعلّق النهي بنفس عنوان البيع إرشاداً إلى الفساد كالنهي عن بيع ما ليس عنده أو النهي عن بيع الغرر، فيدل على الفساد لا لأجل الحرمة و المبغوضيّة بل للإرشاد إلى الفساد، و لذا قد تكون المعاملة جائزة و مع ذلك يحكم عليها بالفساد.