40الذبح، نظير ما ورد في مسألة خلود من قتل مؤمنا متعمّدا في النار من أنّ المراد منه من تعمّد قتله بما هو مؤمن لحيثيّة إيمانه.
و إن شئت قلت: إنّ عنوان العمد قد يضاف إلى ذات المقيّد بقيد، و قد يضاف إلى المقيّد بما هو مقيّد، أي إلى حيثيّة التقيّد، و تشخيص ذلك يكون بالقرائن و المناسبات.
و في المقام الظاهر هو الثاني، فليس المقصود إضافة العمد إلى ذات الذبح لغير القبلة، بل المقصود من يتعمّد مجانبة القبلة في الذبح بأنّ يتقصّد أن لا يذبح إليها، بل يذبح إلى غيرها، و هذا لا يكون إلاّ ممّن في قلبه مرض كالكفّار و المنافقين، أي من ليس بمسلم لبّا و واقعا، كالكفّار الذين يتعمّدون الإهلال بذبائحهم لغير اللّه من الأصنام و نحوها، و إلاّ فهو لا يصدر عن المسلم الواقعي.
فخروج ذبائح المسلمينمن أبناء المذاهب الأخرىعن عنوان العمد في الروايات ليس بملاك أنّ جهلهم بشرطيّة الاستقبال يجعلهم غير عامدين للذبح إلى غير القبلة، ليقال بأن الجهل بالحكم لا يرفع عنوان العمد إلى الموضوع، بل لعدم قصدهم مجانبة القبلة، أي عدم عمدهم لحيثيّة القيد، فإنّ هذا لا يكون عادة إلاّ فيمن لا يعتقد بأصل القبلة، لا المسلم فإنّه إذا ذبح لغير القبلة فلغرض له في ذات المقيّد لا حيثيّة القيد، فلا يصدق عليه العمد بالمعنى المذكور.
و هذا يعني أنّ هذه الروايات ليست بحسب الحقيقية دالّة على شرطيّة الاستقبال، بل على ألا يكون الذابح متعمّدا مجانبة القبلة في ذبحه، و الذي قد يكشف عن عدم صحة اعتقاده و عدم إسلامه.