39أنّ البأس ثابت في صورة العمد، و يراد به صورة القصد إلى الفعل و هو الذبح لغير القبلة، سواء علم بحكمه أم لا.
إلاّ أنّ هذا على خلاف ما هو المسلّم من حلّية ذبائح المسلمين من سائر المذاهب مع صدق العمد إلى الفعل في حقّهم، بل و على خلاف صحيحة محمّد بن مسلم الأخيرة فإنّها صريحة بصدرها في جواز الأكل مع الجهل بالحكم، لأنّ السؤال فيها عن حكم الجاهل بالحكم لا بالموضوع، حيث ذكر «فجهل أن يوجهها إلى القبلة» ، و لم يقل «و جهل القبلة» .
و ما صنعه المشهور في تفسيرها من حمل صدرها على صورة عدم العمد و ذيلها على صورة العمد واضح البطلان؛ إذ مضافا إلى ما تقدّم من أنّ الجهل بالحكم لا يرفع العمد، صريح الرواية أن الفقرتين فيهما تسأل عن فرضية واحدة لا فرضيتين. و عليه، فلو حملنا ذيلها على النهي عن الأكل لا الإخبار كان المتعيّن حمله على الكراهة و التنزّه، لأنّ الأمر بالأكل في صدرها صريح في الحلّية، بينما النهي ظاهر في الحرمة، فيحمل على التنزّه لا محالة، فيكون مفاد الصحيحة الكراهة و عدم الحرمة، و عندئذ لا بد إمّا من تقييد روايات الطائفة الأولى و الثانية بصورة العلم بالحكم، أو حمل الأمر فيها على الاستحباب.
و نحن لو لم نقل بتعيّن النحو الثاني للجمعإمّا لاستحالة التقييد بذلك؛ لأنّه يلزم أخذ العلم بالحكم في موضوعه، أو لاستبعاده في نفسه و عدم عرفيته، أو لأنّه يوجب إلغاء عنوان العمد و إرادة العلم منه، و هو ليس من التقييد بل مخالفة لظهور وضعيفلا أقلّ من تساوي الاحتمالين من حيث المئونة العرفية، بحيث لا مرجّح لأحدهما على الآخر فيكون مجملا.
هذا، و يمكن أن يقال: إنّ عنوان تعمّد الذبح لغير القبلة يساوق عرفا التعمّد لحيثيّة الذبح لغير القبلة؛ و ذلك بأن يكون الذابح قاصدا مجانبة القبلة في