19
فَكُلُوا مِمّٰا ذُكِرَ اِسْمُ اَللّٰهِ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ بِآيٰاتِهِ مُؤْمِنِينَ. وَ مٰا لَكُمْ أَلاّٰ تَأْكُلُوا مِمّٰا ذُكِرَ اِسْمُ اَللّٰهِ عَلَيْهِ وَ قَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مٰا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلاّٰ مَا اُضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ وَ إِنَّ كَثِيراً لَيُضِلُّونَ بِأَهْوٰائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ
16
.
و تقريب الدلالة: أنّ الأمر بالأكل في الآية الأولى إرشاد إلى الإباحة أو حلّية الذبيحة و ذكاتها، و ذلك لمقام توهّم الحظر، و بداهة عدم وجوب الأكل، و الآية الثانية قرينة على ذلك أيضا. و مقتضى إطلاقها كفاية ذكر اسم اللّه في الحلّية و التذكية، بلا حاجة إلى شرط آخر من الاستقبال أو طهارة الذابح أو غير ذلك، بل الآية الثانيةبقرينة قوله تعالى فيها وَ قَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مٰا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ -كالصريحة في العموم، و أنّ غير ما فصّله و حكم بحرمته بالآيات الأخرىو هو الميتة و المنخنقة و المتردّية و نحوها و ما أهلّ لغير اللّه و ما ذبح على النصبيكون حلالا.
لا يقال: إن الآية ليست في مقام بيان أكثر من شرطية ذكر اسم اللّه، و أنّ ما لم يذكر عليه اسم اللّه يكون حراما، كما أكّد ذلك بعد آيتين بقوله تعالى وَ لاٰ تَأْكُلُوا مِمّٰا لَمْ يُذْكَرِ اِسْمُ اَللّٰهِ عَلَيْهِ وَ إِنَّهُ لَفِسْقٌ 17فلا يمكن أن يستفاد منها نفي الشروط الأخرى، و من هنا لم تذكر في الآية الشرائط المعتبرة في الذبح، بل لم يذكر فيها أصل الذبح، مع أنّه لا إشكال في عدم كفاية مجرّد ذكر الاسم في حلّية ما زهقت روحه بغير الذبح كالنطيحة و المتردية أو كان الحيوان ممّا لا يقبل التذكية أصلا.
فإنّه يقال: فرق واضح بين الآيتين، فتارة يقال: لا تأكلوا ممّا لم يذكر اسم اللّه عليه فهذا ظاهر في الشرطية، و أخرى يقال: كلوا ممّا ذكر اسم اللّه عليه فهذا ظاهر في أنّ ما ذكر عليه اسم اللّه حلال مذكّى، فيصحّ التمسّك بإطلاقه لنفي شرط آخر في الحلّية، خصوصا مع القرينة التي ذكرناها من تفصيل ما حرّم