29
عليه الباقي كما لا يخفي، و يوضحه ما في المبسوط و السرائر: (وجب على ورثته ان يردوا مقدار أجرة ما بقي من المسافة) (انتهى) حيث عبّر بقوله: (ما بقي من المسافة) .
و لكن يمكن أن يكون ذلك لأجل دخوله في الإحرام الذي هو بعض أفعال الحج لا طي الطريق مطلقا، فلا معارضة بينه و بين ما ذكره في الخلاف بقوله:
(إذا مات الأجير أو أحصر قبل الإحرام لا يستحقّ شيئا من الأجرة، و عليه جمهور أصحاب الشافعي) (انتهى) ، و لكنّه (ره) عدل عنه في آخر كلامه و اختار قول الإصطخري و الصيرفي من انّه يستحقّ من الأجرة بقدر ما عمل فقال: و يقوي في نفسي ما قاله الصيرفي، لأنه كما استوجر على أفعال الحج استوجر على قطع المسافة، و هذا قد قطع قطعة منها فيجب أن يستحقّ الأجرة بحسبه (انتهى) .
و هو استدلال حسن موافق للقاعدة كما ذكرنا، فانّ الحج و ان كان اسما للأعمال المخصوصة، لكن لا شبهة في ان الإجارة لم تتعلّق بها فقط، و لذا يختلف الأجرة بالبعد و القرب من الميقات و ليس ذلك إلاّ لأجل كون نفس المسافة متعلّقا بها فكون طيّ المسافة من المقدّمات بالنسبة إلى الحج المأمور شرعا لا ينافي كون نفس طيّ المسافة متعلّقا بها، فكون طيّ المسافة من المقدّمات بالنسبة إلى الحج المأمور شرعا لا ينافي كونه ملحوظا مستقلاّ في مقام تعلّق الإجارة، فإنّ الأمر الإجاري غير تابع للأمر النفسي المتعلّق بالحج كي يتقسط الى نفسي و مقدمي، بل متعلّقها نفسي بجميع قيوده و أجزائه، غاية الأمر انّ الشارع جعل المطلوب بالذات، الأعمال المخصوصة فأمر بوجوب الاستيجار.
و هذا نظير أن يجب عليه الوضوء و لا يتمكّن من تحصيل الماء باستئجار من يستقي له الماء من البئر، و يعينه عليه ما يوضّيه بعد تحصيل الماء فيستأجر لتحصيل الماء و التوضي فكون إخراج الماء مقدّمة للوضوء لا يلازم صيرورة الإخراج مقدّمة و التوضّي ذا مقدّمة، بل مورد الإجارة مجموع العملين فكذا في المقام.
و الحاصل وجود الفرق بين لحاظ الشارع شيئا نفسا فأمر به، و بين ملحوظة