27التقرب، إذ يمكن ان يكون قصد العنوان واجبا و لم يجب قصد التقرب كما في أداء الدين، فان الدين أمر عنواني يتوقف البراءة عنه على إعطائه بقصد اداه الدين، فلو أعطاه بقصد الهبة مثلا لم تبرأ ذمته. نعم لا يتوقف على قصد القربة، بل لو اداه قاصدا للعنوان خوفا من الدائن أو غيره برئت ذمته. و قد يتوقف على قصد التقرب مضافا الى وجوب قصد العنوان ايضا كما في الأمور العنوانية العبادية مثل الصلاة.
و الحاصل ان قصد القرب مربوط الى الأمر، و قصد العنوان مربوط إلى المأمور به، فلما لم يرد دليل على وجوب قصد عنوان الوقوف، و لم يكن هناك ارتكاز يدل عليه، و لا يكون الأمر المتعلق بالحج مستلزما له، فالأقوى عدم وجوبه فيكفي نفس تحققه خارجا بقصد كونه جزءا للمأمور به قاصدا به التقرب الى اللّه تعالى و ان لم يأت به بعنوان الوقوف.
[الكون بها الى الغروب]
قال قدس سره: و الكون بها الى الغروب
أقول: لم يتعرض في العبارة لبيان مبدء الكون و انما اقتصر على بيان منتهاه و ربما يستدل عليه بروايات:
منها: رواية معاوية بن عمار قال: قال أبو عبد اللّه (ع) : ان المشركين كانوا يفيضون قبل ان تغيب الشمس فخالفهم رسول اللّه (ص) و أفاض بعد غروب الشمس 1و لكنها قاصرة الدلالة على وجوب كون الإفاضة بعد الغروب لأنها لا تدل الا على مجرد فعل صادر منه (ص) ، و اما على وجه الفعل من الوجوب أو الندب فلا دلالة لها عليه، و لم يعلم من المشركين انهم هل كانوا ملتزمين بالإفاضة قبل الغروب أم كانوا يقولون بجوازه مع جواز الإفاضة بعد الغروب ايضا، فلو كانوا قائلين بالجواز غير ملتزمين بالإفاضة قبل الغروب أمكن الاستدلال بفعل النبي (ص) على وجوب الإفاضة بعد الغروب، إذ لا تتحقق المخالفة معهم حينئذ إلا بكون النبي (ص) ملتزما بفعله بالإفاضة بعد الغروب، الا ان وجه عمل المشركين غير ظاهر بل الظاهر انهم كانوا