25
[النية]
أقول: و الكلام فيه يقع تارة في وجوب الاخطار بالقلب على وجه حديث النفس به و عدم وجوبه، و اخرى في وجوب قصد كون الوقوف للحج أو للعمرة و ما هو مكان الوقوف و عدم وجوب ذلك، و ثالثة في وجوب قصد الجزئية و عدم وجوبه، و رابعة في وجوب قصد العنوان و عدم وجوبه.
و الأقوى عدم وجوب الاخطار بالقلب بحديث النفس و اختاره بالبال و عدم وجوب قصد كون الوقوف لأي عمل و في أي مكان، و انما الواجب مجرد قصد التقرب به الى اللّه تعالى، و ذلك لان وجوب قصد التقرب في عمل مركب من الاجزاء هو بنفسه يقتضي قصد التقرب في نفس تلك الاجزاء أيضا، بأن يأتي بها بقصد التقرب.
نعم يمكن ان يكون العمل قربيا عباديا يتوقف على قصد التقرب مع عدم وجوب إتيان شرط من شرائطه بقصد التقرب، كما هو كذلك في الاستقبال مثلا بالنسبة إلى الصلاة فإنه شرط في صحتها لا محالة، و لكن لا تتوقف صحة الصلاة على قصد التقرب بالاستقبال.
و كيف كان فلو تعلق الأمر بإتيان شيء على وجه التقرب به اليه تعالى جرى ذلك في جميع أجزائه أيضا، و لما كان الأمر المتعلق بالحج متعلقا بإتيانه بقصد القربة كان مقتضيا لإتيان أجزائه كذلك، و لم يرد من الشرع ما يدل على عدم وجوب قصد التقرب بالوقوف. فنفس أدلة الحج الدالة على وجوب قصد التقرب به تكفي في لزوم قصد التقرب في اجزائه و منها الوقوف.
مضافا الى ما دل عليه روايات حج النبي (ص) من شدة مراقبة الناس في اعمال الحج من امتثال أمر اللّه تعالى في أعمالهم و ان لا يفوت منهم شيء مما أمر اللّه به، الى أن حاولوا حول ناقة الرسول (ص) في عرفات ثم ينبئهم الرسول (ص) بان عرفات أوسع مما زعموه، و المستفاد من جميع ذلك انهم كانوا بصدد امتثال امره تعالى في إتيان اجزاء الحج قاصدين للتقرب اليه و هذا الارتكاز من المسلمين يكفي في وجه اعتبار قصد التقرب في الاجزاء، مضافا الى ما قدمناه من كونه مقتضى الأمر