392و ذلك الجزء المتصل به من غيره هو أقرب الأماكن إليه، و لا يتحقق الإحرام من الميقات إلا بإدخال ذلك الجزء المتصل به من غيره فلما امتنع انفكاك أحدهما عن الآخر جاز إطلاق اسم موضع الإحرام على كل واحد منهما، فمن قال: (من أقرب الأماكن) ، أراد به الجزء المتصل بالميقات من غيره، إذ هو أقرب الأماكن إلى الميقات، و العقد إنما يكون قبل الإحرام، فلا بد أن يقع في جزء من غير الميقات و ان كان من موضع إنشاء الإحرام إذ لا ينفك عن جزء من غير الميقات، و من قال: (من الميقات) ، أراد به موضع إنشاء الإحرام، و لا شك أن فيه جزءا من الميقات متصلا بجزء من غيره، فجاز إطلاق اسم الجزء على الكل.
فقد ظهرت المغايرة من غير منافاة بين القولين، و من أوّل أقرب الأماكن بغير ما قلناه يكون قد غلط فخر الدين و عميد الدين في قولهما: (إنه مذهب الشيخ في المبسوط و الخلاف) ، أو غلط العلامة في التحرير أن ما اختاره من الوجوب من الميقات هو مذهب الشيخ في الخلاف و المبسوط، و غلط هؤلاء و ان كان ممكنا، فهو لم تجر العادة ان يغلطوا جماعة من المجتهدين في مسئلة واحدة غلطا لا يقبل التأويل، و ان جرت العادة في غلط أحدهم نادرا، و قد نبّه بعضهم على ذلك كما جرت عاداتهم في مصنفاتهم، و إنما أشبعنا البحث في هذه المسئلة، لأنها من مهمات علم الفقه، و هي مما يعم بها البلوى، و ربما حصل الاشتباه بسبب اختلاف عبارات الأصحاب فيها فأردنا أن نزيل ذلك الاشتباه بما بيناه، و اللّه الموفق للصواب.
قال رحمه اللّه: و لو نذر الحج أو أفسد و هو معضوب، قيل: يجب أن يستنيب، و هو حسن.
أقول: القول إشارة إلى قول الشيخ في المبسوط، ثمَّ قال فيه: فان نوى فيما بعد تولاهما بنفسه، و إنما كان حسنا، لأن فعل الإفساد مع العلم بأنه