391يكون منذورا من بلد معين فيتعين الاستئجار منه، لأن الواجب هو الحج، و قطع المسافة ليس مرادا للشارع، و لهذا لو سافر المستطيع لا بعزم الحج ثمَّ جدّد نية الحج من الميقات أجزأه، و لم يجب عليه الرجوع إلى بلده و إنشاء القصد منه، لأن نفقة الطريق ليست واجبة مع عدم الحاجة إليها، لأنه لو خرج متسكعا أو في نفقة غيره أجزأ.
و ذهب الشهيد في الدروس الى اختيار ابن إدريس، ثمَّ قال: و لو استأجر من الميقات أجزأ، و أثم الوارث، و ملك فاضل الأجرة.
تنبيه: الذي يتحقق من عبارات الأصحاب أن أقرب الأماكن هو
الميقات،
قال في القواعد: وجب أن يحج من أقرب الأماكن إلى الميقات، قال عميد الدين و فخر الدين في شرحيهما: هذا مذهب الشيخ في الخلاف و المبسوط، و قال في التحرير: و هل يجب أن يحج عنه من بلده أو من الميقات؟ الأقرب الثاني، و هو اختيار الشيخ في المبسوط و الخلاف، و إذا ثبت بقول عميد الدين و فخر الدين أن الحج من أقرب الأماكن هو مذهب الشيخ في المبسوط و الخلاف، و كذا ثبت بقول العلامة في التحرير أن مذهب الشيخ في المبسوط و الخلاف الوجوب من الميقات ثبت أن أقرب الأماكن هو الميقات.
فان قيل: و إن كان عبارة الشرائع لا تدل على المغايرة صريحا، لأن عبارة القواعد (يجب ان يحج عنه من أقرب الأماكن إلى الميقات) ، و من المعلوم بالضرورة أن أقرب الأشياء إلى الشيء مغاير لذلك الشيء، فكيف قلتم: إن أقرب الأماكن الميقات؟ ! الجواب: أما وجه الاتحاد فقد بيّناه من قول العلامة في التحرير و قول ابنه و ابن أخته في شرحيهما، و أما اقتضاء عبارة القواعد المغايرة فمسلم، و لكن المغايرة لا تقتضي المنافاة بين القولين، لأن أقرب الأشياء إلى الشيء هو الملاصق لذلك الشيء و المتصل به، و لا شك أن الميقات ملاصق لغيره و متصل به،