180العمرة على الحج لم يصحّ في أحد القولين لأنّه لا يتغير الإحرام بعد انعقاده 1.
ثم يجب عليه أن ينوي نيّة الإحرام على الوجه الذي قدمناه و يعقده بالتّلبية الواجبة و هي: لبّيك اللّهمّ لبّيك انّ الحمد و النّعمة لك و الملك لا شريك لك لبّيك. و لا ينعقد الإحرام إلاّ بها أو بما يقوم مقامها من الإيماء لمن لا يقدر و من التقليد و الاشعار للقارن 2.
«و لا ينعقد الإحرام بمجرّد النيّة، بل لا بدّ أن يضاف إليها التّلبية أو السوق أو الإشعار أو التقليد. و قال أبو حنيفة: لا ينعقد إلاّ بالتّلبية أو سوق الهدي. و قال الشافعي: يكفي مجرّد النيّة» 3.
و يجوز أن يلبّي عقيب إحرامه، و الأفضل أن يلبّي إذا علت راحلته البيداء. و للشافعي فيه قولان: الأفضل أن تنبعث به راحلته إن كان راكبا، و إذا أخذ في السير إن كان راجلا. و الثاني أن يهلل خلف الصلاة نافلة كانت أو فرضا، و به قال أبو حنيفة 4.
لنا على ما ذهبنا إليه أنّ الإحرام لا ينعقد إلاّ بالتّلبية أو بما يقوم مقامها أنّ فرض [66/أ] الحج مجمل في القرآن و لا خلاف أنّ النبي صلّى اللّه عليه و آله فعل التلبية و فعله إذا ورد مورد البيان كان على الوجوب، و ما روي أنّ جبرئيل عليه السّلام أتي النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فقال: مر أصحابك أن يرفعوا أصواتهم بالتلبية فإنّها من شعار الحج، و هذا نصّ، و قوله عليه السّلام لعائشة (رض) انقضي رأسك و امتشطي و اغتسلي و دعي العمرة و أهلّي بالحجّ، و الإهلال هو التّلبية، و أمره على الوجوب، و في لغة العرب رفع الصّوت، و منه قولهم: استهلّ الصبيّ: إذا صاح، فلا يجوز أن يقال المراد بالإهلال الإحرام، و يدلّ على ذلك ما روي عن ابن عبّاس أنّ النبي صلّى اللّه عليه و آله أهلّ في مصلاّه، و حين مرّت به راحلته، و حين بلغ البيداء لأنّ الإحرام متقدّم على بلوغ البيداء، فلا يجوز أن يحمل الإهلال على الإحرام 5.
و التلبية فريضة، و رفع الصوت بها سنّة، خلافا للشافعي و أبي حنيفة فإنّها عندهما سنّة. و وفاقا لهم في أنّ رفع الصوت بها سنّة.
لنا على وجوبها ما مرّ قبل من أنّ النبي صلّى اللّه عليه و آله فعل التّلبية و أمر بها و فعله إذا كان بيانا و أمره على الوجوب. 6