394كان عنده وعاءان من العلم بثَّ أحدهما و كتم الآخر.
فقد أخرج البخاري في صحيحه عنه أنه قال:حفظتُ من رسول الله صلى الله عليه و سلم وعاءين،فأما أحدهما فبثثْتُه،و أما الآخر فلو بثثْتُه قُطع هذا البلعوم 1.
فإذا صحَّ عندهم مثل هذا في حق أبي هريرة فكيف لا يصح مثله على الأقل في حق علي عليه السلام الذي صحب النبي صلى الله عليه و آله و سلم منذ نعومة أظفاره إلى أن التحق النبي صلى الله عليه و آله و سلم إلى جوار ربه،بينما لم تزد صحبة أبي هريرة أكثر من ثلاث سنين قضى أكثرها في البحرين؟! 2
و لا سيما أن أمير المؤمنين عليه السلام كان شديد الحرص على تحصيل العلوم،فكان يسأل النبي صلى الله عليه و آله و سلم في أمور الدين و الدنيا،و النبي صلى الله عليه و آله و سلم يحرص على تعليمه كما أخرج الترمذي و حسَّنه عن عبد الله بن عمرو بن هند الحبلي،قال:قال علي:كنت إذا سألتُ رسول الله صلى الله عليه و سلم أعطاني،و إذا سكتُّ ابتدأني 3.
و أخرج ابن سعد عن علي عليه السلام أنه قيل له:ما لَك أكثر أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم حديثاً؟فقال:إني كنت إذا سألته أنبأني،و إذا سكتُّ ابتداني 4.
فهل يبقى بعد هذا كله استبعاد أو غرابة في أن يملي النبي صلى الله عليه و آله و سلم على أمير المؤمنين عليه السلام صحيفة جامعة في الحلال و الحرام،و لا سيما أن بعض الأحاديث الصحيحة قد نصَّت على أن النبي صلى الله عليه و آله و سلم أراد أن يكتب للأمّة كتاباً،فحِيل بينه و بين كتابة ذلك الكتاب؟
فقد أخرج البخاري-و اللفظ له-و مسلم و أحمد و ابن حبان و غيرهم عن ابن