393فلا محذور بعد هذا كله في أن يخص النبي صلى الله عليه و آله و سلم أمير المؤمنين عليه السلام بما شاء من العلوم،و لا استبعاد في أن يكتب علي عليه السلام شيئاً مما خصَّه النبي صلى الله عليه و آله و سلم به في صحيفة أسماها أو سُمّيتْ بعد ذلك الصحيفة الجامعة،و لا سيما أن غيره من صحابة النبي صلى الله عليه و آله و سلم كانوا يكتبون بعض مسموعاتهم من النبي صلى الله عليه و آله و سلم كعبد الله بن عمرو بن العاص،كما في حديث البخاري الذي رواه عن أبي هريرة حيث قال:ما من أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم أحد أكثر حديثاً عنه مني إلا ما كان من عبد الله بن عمرو،فإنه كان يكتب و لا أكتب 1.
هذا مع نص بعض أعلام أهل السنة على أن عليّا عليه السلام كان من صحابة النبي صلى الله عليه و آله و سلم الذين يكتبون حديث رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم.
قال ابن الصلاح:اختلف الصدر الأول في كتابة الحديث،فمنهم من كرِه كتابة الحديث و العلم و أمروا بحفظه،و منهم من أجاز ذلك...
إلى أن قال:و ممن روينا عنه إباحة ذلك أو فعله علي و ابنه الحسن و أنس و عبد الله بن عمر و عبد الله بن عمرو بن العاص في جمع آخرين من الصحابة و التابعين رضي الله عنهم أجمعين 2.
و قال السيوطي:و أباحها-أي كتابة الحديث-طائفة و فعلوها،منهم عمر و علي و ابنه الحسن و ابن عمرو و أنس و جابر و ابن عباس و ابن عمر أيضاً،و الحسن و عطاء و سعيد بن جبير و عمر بن عبد العزيز،و حكاه عياض عن أكثر الصحابة و التابعين 3.
و العجب أن هذا الكاتب و بعض أهل السنة ينكرون حيازة أمير المؤمنين عليه السلام مثل هذه الصحيفة،و لا ينكرون حيازة أبي هريرة لمثل ذلك،فإنهم رووا أن أبا هريرة