26إليه أمره فيها) 1.
الاجتهاد عند الصحابة
إعتمد التشريع في عصر الرسالة على أصلين اثنين دون سواهما كما تقدم : كتاب الله وسنّة رسوله، فلا يُترَك كتاب الله وسنّة رسولهِ لقولِ أحدٍ أياً كان ، وكلّ قولٍ لا يستند إلى أصل أو دليل منهما فلا قيمة ولا عبرة له.
أمّا الاجتهاد بالرأي لم يكن مصدراً للتشريع في عصر الرسالة وما بعده، لأنّه لا اجتهاد بالرأي مقابل النصّ، إلّا أن يكون تفسيراً له، وتفهّماً لمقاصده ، واستنباطاً لأحكامه، وليس مصدراً للتشريع.
لكن الاجتهاد في النوازل عند الصحابة بعد عصر البعثة كان بمعناه الأعم، لأنّ فهم أحكام الوقائع من خلال النصوص يحتاج إلى إعمال رأي، وبذل جُهد، بل ربما رجعوا للعقل والحكم فيه عند وجدان النصّ الذي يمكن أن يُستَلهَم منه الحكم الشرعي للحادثة النازلة بهم ، و عدم تيسّر الوصول لمصدر التشريع، وقد يتّضح ذلك في اجتهاد أبي بكر في قتال مانعي الزكاة حتى وإن شهدوا الشهادتين، بينما كان عمر بن الخطاب لا يرى جوازه 2.
واجتهاد عمر في إسقاط سهم المؤلفة قلوبهم من الزكاة والآية الشريفة صريحة بذلك: (إِنَّمَا الصَّدَقٰاتُ لِلْفُقَرٰاءِ وَ الْمَسٰاكِينِ وَ الْعٰامِلِينَ عَلَيْهٰا وَ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَ فِي الرِّقٰابِ وَ الْغٰارِمِينَ وَ فِي سَبِيلِ اللّٰهِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللّٰهِ) وقد علّل ذلك بمصلحة قوة الإسلام، فلما عزّ الإسلام زالت العلّة ، فتوقف الحكم 3.
وقد اجتهد عثمان بن عفّان في موضوعاتٍ كثيرةٍ اعتمد فيها على تأويل بعض