15الصغريات بوجهة عامة، أم ادعاء وجود قرائن خاصة لها مدخلية في التشخيص لدى البعض، وإنكارها لدى آخرين. كأن يستفيد أحدهم من آية الوضوء مثلاً - بعد اتفاقهم على حجّية الكتاب - أنّ التحديد فيها إنّما هو تحديد لطبيعة الغَسل، وبيان لكيفيته، فيُفتي تبعاً لذلك بالوضوء المنكوس، بينما يستفيد الآخرون أنّه تحديد للمغسول، وليس فيه أيّة دلالة على بيان كيفية الغَسل، أي أنّه لم يكن في مقام البيان من هذه الجهة، فلابُدّ من التماس بيان الكيفية من الرجوع إلى الأدلة الاخرى كالوضوءات البيانية وغيرها.
وفي هذا القسم تنتظم جميع تلكم المناشيء التي ذكرها ابن رشد ونظائرها ، ممّا لم يتعرّض له كمباحث المفاهيم، والمشتقّات، ومعاني الحروف، وما يُشخّص صغريات حجّية العقل، كباب الملازمات العقلية بما فيه من بحوث مقدّمة الواجب، واجتماع الأمر والنهي، والإجزاء، واقتضاء الأمر بالشيء على النهي عن ضدّه ، وغيرها من المباحث المهمة) 1.
ما المقصود من الفقه المقارن ؟
الفقه المقارن من العلوم الجليلة، العظيمة الشأن، الكثيرة الفائدة، التي أتعب العلماء السابقون أنفسهم الزكية في إروائها وتنقيحها والكتابة فيها، ولكنّ الظروف القاسية والقاهرة التي مرّت بها الامّة الإسلامية جعلته في زوايا الخمول والنسيان.
والكتابة فيه أمرٌ شاق وعسير، لكنّه ذو فوائد جمّة في تطوير الدراسات الإسلامية، والأبحاث العلميّة، وفي القضاء على النزعات الطائفية، وإبعادها عن مجالات البحث العلمي، والحدّ من تأثير العوامل المساعدة على التفرقة والتشتت، وذلك بتقارب وجهات النظر المختلفة، واطّلاع أصحاب كلّ مذهب على آراء المذاهب الاخرى.
فالفقه المقارن : يُطلق تارةً على جَمع آراء المجتهدين في شتى المسائل الفقهية على