82أن يعبدوا الله الواحد القهّار، أو كانوا يجعلون أنبياءهم شركاء مع الله سبحانه في العبادة، والشاهد على هذا المعنى الأُمور التالية:
1. إنّ الهدف من وضع صور الصالحين في حديث أُمّ حبيبة وأمّ سلمة بجوار قبورهم إنّما كان لأجل السجود عليها وعلى القبر بحيث يكون القبر والصورة قبلة لهم، أو كانتا كالصنم المنصوب يعبدان ويسجد لهما.
إنّ هذا الاحتمال - اللائح من هذا الحديث - ينطبق مع ما عليه المسيحيّون من عبادة المسيح ووضع التصاوير والتماثيل المجسّمة له وللسيّدة مريم، ومع هذا المعنى فلا يمكن الاستدلال بهذه الأحاديث على حرمة بناء المسجد على قبور الصالحين أو بجوارها من دون أن يكون في ذلك أيّ شيء يوحي بالعبودية، كما عليه المسيحيّون.
2. إنّ أحمد بن حنبل يروي في مسنده - كما يروي مالك في الموطأ - تتمة لهذا الحديث وهي: أنّ النبي(ص) قال - بعد النهي عن اتّخاذ القبور مساجد -:«اللهمّ لا تجعل قبري وثناً يُعبد». 1
فالحديث يدلّ على أنّ اليهود والنصارى كانوا يتّخذون القبر والصورة التي عليه إمّا قبلة يتوجّهون إليها، أو صنماً يعبدونه من دون الله سبحانه.
3. إنّ التأمّل في حديث عائشة - أعني قولها: لولا ذلك لأبرزوا قبره، غير أنّي أخشى أن يتّخذ مسجداً - يدلّ على ما ذكرنا، وذلك لأنّ المسلمين بعد رحيل رسول الله، وضعوا جداراً بين قبره وبين المسجد، وعندئذ نسأل أنّ إقامة الجدار حول القبر من أي شيء يمنع، ومن المعلوم أنّه يمنع من أمرين تاليين:
أ. أن يتّخذ قبره وثناً يعبد.
ب. أن يتّخذ قبلة يتوجّه إليها.
وأمّا الصلاة بجوار القبر إلى القبلة (الكعبة) تقرّباً إلى الله تعالى فلا يمنع من ذلك، بشهادة أنّ المسلمين منذ أربعة عشر قرناً يصلّون بجوار قبر رسول الله، في حين أنّهم