29رسول الله(ص) باكياً قال له:
«فإن عادوا فعُد» ، وهذا يدلّ على أنّ الإنكار باللسان لا يضر إذا كان القلب مطمئناً بالإيمان، قال تعالى: إِلاّٰ مَنْ أُكْرِهَ وَ قَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمٰانِ 1.
يلاحظ عليه: بأنّ الكلام في معنى الإيمان في غير حالة الاضطرار والتقيّة، وما أُشير إليه من إيمان عمّار مع الإنكار في اللّسان فهو داخل في حالة الاضطرار وقال رسول الله(ص)
«رفع عن أُمّتي ما اضطروا إليه».
أضف إلى ذلك: أنّه سبحانه يكفّر قوم فرعون ويقول: وَ جَحَدُوا بِهٰا وَ اسْتَيْقَنَتْهٰا أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَ عُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كٰانَ عٰاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ 2. فقد أذعنوا بصحّة رسالة موسى قلباً، ولكن جحدوها لساناً، فوصفوا بالكفر.
3. التصديق لساناً وقلباً مع الاجتناب عن الكبائر
ذهبت الخوارج إلى أنّ الاجتناب عن الكبائر من مقوّمات الإيمان، فلو آمن وصدّق بلسانه وقلبه ولكن كذّب أو اغتاب سيخرج من خيمة الإيمان ويدخل حظيرة الكفر. 3
وقد استدلّ هؤلاء بآيات أجبنا عنها في كتابنا «بحوث في الملل والنحل»، وأوضح دليل على أنّ العمل بالفرائض والاجتناب عن المحرّمات ليس من مقوّمات الإيمان، قوله سبحانه: إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصّٰالِحٰاتِ وَ تَوٰاصَوْا بِالْحَقِّ وَ تَوٰاصَوْا بِالصَّبْرِ 4 ترى أنّه سبحانه عطف العمل بالصالحات على الإيمان في هذه الآية وفي آيات كثيرة، وهذا يدلّ على أنّ العمل بالفرائض واجتناب الكبائر ليسا من مقومات الإيمان وإن كان لهما مدخلية تامّة في نجاة الإنسان يوم القيامة.
4. المنزلة بين المنزلتين
ذهبت المعتزلة إلى أنّ المؤمن باللسان والقلب إذا ترك فريضة أو ارتكب حراماً يخرج من خيمة الإيمان ولا يدخل في حظيرة الكفر بل يكون في منزلة بين المنزلتين، أي بين