30حباه إنّما هو من العلم به من جهة النظر في آياته، ثم زاد على ذلك أن اصطفاه برسالاته وبتكليمه، وهو العلم بالله من جهة السمع، حيث رجا عليه السلام أنْ يزيده بالعلم من جهة الرؤية، وهو كمال العلم الضروري بالله، والله خير مرجو و مأمول.
فهذا هو المسؤول دون الرؤية بمعنى الابصار بالتحديق الذي يجلّ موسى عليه السلام ذاك النبي الكريم أن يجهل بامتناعه عنه تعالى وتقدس.
وقوله تعالى: (قَالَ لَنْ تَرَانِي) نفي مؤبد للرؤية، وإذ أثبت الله سبحانه الرؤية بمعنى العلم الضروري في الآخرة كان تأبيد النفي راجعاً إلى تحقق ذلك في الدنيا ما دام للانسان اشتغال بتدبير بدنه وعلاج ما نزل به من أنواع الحوائج الضرورية، والانقطاع إليه تعالى بتمام معنى الكلمة لا يتم إلا بقطع الرابطة عن كل شيء حتى البدن وتوابعه، وهو الموت.
فيؤوّل المعنى إلى أنّك لن تقدر على رؤيتي والعلم الضروري بي في الدنيا حتى تلاقيني فتعلم بي علماً اضطرارياً تريده، والتعبير في قوله تعالى: (لَنْ تَرَانِي) ب- (لَنْ) الظاهر في تأبيد النفي لا ينافي ثبوت هذا العلم الضروري في الآخرة، فالانتفاء في الدنيا يقبل التأبيد أيضاً، كما في قوله تعالى: (إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا) 1، وقوله تعالى: (إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ