27
الآية الأولى: (قَالَ لَنْ تَرَانِي)
قوله تعالى: (وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ) 1.
(التجلي) مطاوعة (التجْلِية) من (الجَلاء) بمعنى الظهور، و(الدَّكُّ) هو أشد الدَّقِّ، و (جَعَلَهُ دَكًّا) أي مدكوكاً، و(الخُرور) هو (السقوط)، و(الصَّعْقة) هي (الموت) أو (الغشية) بجمود الحواس وبطلان إدراكها، و(الإفاقة) هي (الرجوع) إلى حال سلامة العقل والحواس يقال: أفاق من غشيته أي رجع إلى حال استقامة الشعور والادراك.
وقد يستفيد بعضهم هذا المعنى من الآية الكريمة بحسب ظاهر نظمها: أنّه (لَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا) الذي وقتناه له (وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ) بكلامه، (قَالَ) أي موسى (رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ) أي أرني نفسك أنظر إليك، أي مكنّي من النظر إليك حتى أنظر إليك وأراك؛ فإنّ الرؤية فرع النظر، والنظر فرع التمكين من الرؤية والتمكن منها، (قَالَ) الله تعالى لموسى (لَنْ تَرَانِي) أبداً، (وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ) كان جبلاً بحياله مشهوداً له، أُشير إليه بلام