24على لزوم رعاية الأقرب فالأقرب، أو كون وادي محسّر أو المعتصم بدلا عن منى.
إن قيل: جاء في غير واحد من الروايات جواز الذبح في مكّة، مثل معتبرة معاوية بن عمّار في قوله
قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) : إنّ أهل مكّة أنكروا عليك أنّك ذبحت هديك في منزلك بمكّة فقال: «إنّ مكّة كلّها منحر»
1
و في معناه غيره.
و الجمع بينها و بين ما دلّ على أنّ الذبح لا يكون إلاّ بمنى، يقتضي حملها على صورة عدم إمكان الذبح بمنى.
قلنا: أوّلا: لا بدّ من حمل هذه الروايات على الهدي غير الواجب، لورود التصريح بأنّه
«إن كان هدياً واجباً فلا ينحره إلاّ بمنى، و إن كان ليس بواجب فلينحره بمكّة إن شاء»
2
لا على صورة عدم إمكان الذبح بمنى، حيث إنّه لو كان الذبح في منى متعذّر، لم يكن وجه لإنكار أهل مكّة على الإمام (عليه السلام) .
ثانياً: سلّمنا، و لكن الذبح بمكّة أيضاً متعذّر في زماننا هذا، نعم يمكن ذلك للنادر من الحاجّ لأنّ الجهات المسئولة لا ترخّص لهم ذلك كما هو واضح، فلا تساعد هذه الروايات في حلّ هذه المشكلة، و أين مكّة من وادي محسّر؟ !
شبهة الارتكاز لدى المتشرّعة
قد يقال: إنّ المرتكز في أذهان المتشرّعة من المسلمين أنّ محلّ إيقاع مناسك الحج و شعائره ليس إلاّ مساحة الأرض الّتي تحيط ببيت الله الحرام زادها الله شرفاً و عزّاً، و لا يجزي ما يؤتى بها في خارج هذه القطعة من وجه الأرض إلاّ عدد يسير مما نطقت به الأدلّة كالإحرام من مسجد الشجرة و كصيام سبعة أيّام بدل الهدي.