7
مقدّمة المؤلف
الحمد للّه الّذي إليه مصائر الخلق، وعواقب الأمر. نحمده على عظيم إحسانه ونيّر برهانه، و نوامي فضله و امتنانه، حمداً يكون لحقّه قضاء ولشكره أداء، و إلى ثوابه مقرّباً ولحسن مزيده موجباً. ونستعين به استعانة راج لفضله، مؤمّل لنفعه، واثق بدفعه، معترف له بالطّول، مذعن له بالعمل والقول. ونؤمن به إيمان من رجاه موقناً: وأناب إليه مؤمناً، وخنع له مذعناً، وأخلص له موحّداً، وعظّمه ممجّداً، ولاذ به راغباً مجتهداً، لم يولد سبحانه فيكون في العزّ مشاركا، ولم يلد فيكون موروثاً هالكاً.
وأصلّي وأسلّم على أشرف الخلق أجمعين المسمّى في السماء بأحمد وفي الأرض بأبي القاسم محمّد، وعلى آله الطيّبين الطاهرين.
إنّ ظاهرة التكفير التي ظهرت بوادرها ونمت في الأمّة الإسلامية، واحدة من الأساليب الشيطانية التي استغلّها عدو الإسلام في حرب المسلمين بعيداً عن خطرهم وضرباتهم الموجعة على مختلف المستويات العلمية والعملية، التي قامت أسسها على أصول ومبادئ القاعدة المعروفة باسم (فرّق تسد)؛ إذ إنّ من أراد التحكّم والسيطرة على غيره قام بزرع الفرقة والاختلاف بين أبناء تلك المنطقة، حتّى يتسنّى له دخولها بسهولة والسيطرة عليها بلا مؤونة، فالنزاع الداخلي من أهمِّ الأخطار التي تمرّ به الأمّة الإسلامية، وحاله كحال الغدّة السرطانية، التي تبدأ صغيرة في جسم الإنسان، قابلة للمعالجة، ولكن ما أن تُهمل وتترك، إلّا أخذت بتناميها وتزايدها واستفحالها على قوى الجسم، حتّى تنهك قواه، وتضعف مقاومته،