5
مقدمة المعهد
لم يكن الخلاف بين الوهابية وسائر المذاهب الإسلامية وليد الساعة، بل وجد منذ اللحظة الأولى التي قام بها ابن تيمية باتّهام وتخطئة جميع علماء المسلمين، سواء من عاصره أم من سبقه قبل ذلك، بدعوى ابتعادهم عن التوحيد وعدم انتهاج المنهج القويم للدين الإسلامي، حتّى أنّ ذلك جلب له الويل من قبل جميع علماء المسلمين، فكان أقلّ ما قاموا به أن رموه في السجن، وحذّروا الأمّة الإسلامية من أفكاره المسمومة، وقد خمدت نار الفتنة والفرقة بموته في السجن آنذاك، وعندها أضحت الأمّة الإسلامية في راحة من أمره.
ولكن سرعان ما خرج قرن الشيطان من جديد في الأمّة الإسلامية، فتجددت المعركة من جديد، وراحت ضحيّتها الكثير من علماء وأبناء الأمّة الإسلامية بسبب تلك الفتنة التي أجج نارها في مهبط الوحي والتنزيل، مجدد الفِرقة ومحيي البدعة محمّد بن عبد الوهاب، باسم الدعوة إلى التوحيد ونبذ الشرك والوثنية، فهبّت الأمّة بأجمعها للوقوف بوجه هذا التيار الجارف، ولكن دون جدوى، حيث راح يقاتلهم قتالاً عنيفاً بعدما يحكم بكفرهم وخروجهم عن الدين الحنيف، فيقتل منهم العالم والشيخ الكبير والطفل الصغير ويسبي النساء ويغتصب الأموال ، والتاريخ الإسلامي حافل بنقل هذه الوقائع المؤلمة والمعاناة المريرة التي لم تمر بها الأمّة الإسلامية في حياتها على أيدي الطواغيت والسفّاحين الذي تسلّطوا على رقابها، كيزيد والحجاج وغيرهم.
والعجيب أنّ هؤلاء الوهابيون لا يبدأون بالهجوم على خصمهم ومقاتلته قبل أن يحكموا بكفره وخروجه عن الدين والملّة، ثمّ يهاجمونه باسم الدفاع عن الدين والدعوة إلى التوحيد،