60وهو إشارة إلى لزوم خط الحنابلة ومن على شاكلتهم، وعدم الحيدة عنهم إلى أصحاب العقل المبتدعين المنحرفين عن الجماعة.
إلاّ أنّ ابن بطّة لم يحدّد لنا ما هو مقصوده بالجماعة؟
والبِدعة في مفهوم الحنابلة والوهّابيّين هي كلّ ما خالف رواياتهم وعقائدهم.
والجماعة هي جماعتهم التي يطلقون عليها دائماً أهل الحديث ويعدّونها الفرقة الناجية من النار.
وقد استخدم ابن بطّة شعار الحنابلة الدائم: شرّ الأُمور محدثاتها، وكلّ محدثة بِدعة، وكلّ بِدعة ضلالة، وكلّ ضلالة في النار.
وهو شعارٌ مشتقٌّ من روايةٍ منسوبةٍ للرسول(ص).
وفي باب حمل عنوان: ترك السؤال عمّا لا يعني، والبحث والتنقير عمّا لا يضر جهله، والتحذير من قومٍ يتعمّقون في المسائل ويتعمّدون إدخال الشكوك على المسلمين، قال:
اعلموا أنّي فكّرت في السبب الذي أخرج أقواماً من السنّة والجماعة، واضطرّهم إلى البدعة والشناعة، وفتح باب البلبلة على أفئدتهم، وحجب نور الحق عن بصيرتهم، فوجدت ذلك من وجهين:
أحدهما: البحث والتنقير وكثرة السؤال عمّا لا يعني، ولا يضر العاقل جهله، ولا ينفع المؤمن فهمه.
والآخر: مجالسة مَن لاتؤمن فتنته وتفسد القلوب صحبته.
ونقل رواية عن عمر تقول: إنّ رجلاً سأله عن سورة الذاريات والنازعات والمرسلات فهدّده وأمر الناس بعدم مجالسته.
وفي روايةٍ أُخرى: أنّه سأله عن تأويل وَ الذّٰارِيٰاتِ ذَرْواً * فَالْحٰامِلاٰتِ وِقْراً . (الذاريات: 1 و2)
فقام إليه وحسر عن ذراعيه، فلم يزل يجلده حتّى سقطت عمامته.