59ومن جور الحكّام وافتراق الناس شِيَعاً وأحزاباً، إلى غير ذلك من ألوان الفساد على حدّ تعبيره.
وأوّل ما نستعرض من هذا الكتاب باب تحت عنوان: ذكر ما جاءت به السنن من طاعة رسول الله(ص) والتحذير من طوائف يعارضون سنّة النبي بالقرآن.
وقد أفاض المؤلّف في هذا الباب في الحديث عن الذين يعارضون السنّة بالقرآن في عصره، وكال لهم من نعوت الزيغ والضلال، وحضّ إخوانه وأتباعه على ألاّ يسلكوا مسلكهم وأن يتمسّكوا بالسنّة بقوّة.
والذين يعارضون السنّة بالقرآن يقصد بهم الذين يعرضون الروايات على القرآن، ويحاولون ضبطها بنصوصه، ونبذ ما يعارض هذه النصوص ويصطدم بها، أو يضيف عليها أحكاماً جديدة، وهو الأمر الذي يرفضه الحنابلة بشدّة.
قال صارخاً مكفِّراً لهؤلاء: إنّ قائل هذه المقالة يتحلّى بحلية المسلمين، ويضمر على طوية الملحدين، يظهر الإسلام بدعواه، ويجحده بسرّه وهواه.
ولاشكّ أنّ هذا الكلام يعني تكفير هؤلاء، ولا يخفى ما في هذا الكلام من تحريض.
وروى عن مكحول قوله: السنّة سنّتان:
سنّة الأخذ بها فريضة وتركها كفر.
وسنّة الأخذ بها فضيلة وتركها إلى غير حرج.
والأُولى يقصد بها الروايات والآثار التي ورثها الحنابلة واعتبروها ديناً.
وهذا الأثر ومثله كثير ممّا يكتظّ به كتاب ابن بطّة هو عماد الحنابلة في مواجهة خصومهم.
والباب الثاني من هذا الكتاب جاء تحت عنوان: ما أمر به من التمسّك بالسنّة والجماعة، والأخذ بها وفضل مَن لزمها.
وقد حشّد في هذا الباب عشرات الروايات والآثار الإرهابية التي تحذّر من ترك السنّة والالتزام بالأثر وعدم الابتداع.