41ويردّون على الرسول (ص)، ويتّخذون أبا حنيفة ومَن قال بقوله إماماً، ويدينون بدينهم، وأيّ ضلالٍ أبين ممّن قال بهذا وترك قول الرسول وأصحابه؟ فكفى بهذا غيّاً مُردياً وطغياناً.
ونقل الوهّابيّون عن ابن حنبل قوله: مَن قال إنّ الإيمان مخلوق فقد كفر، ومَن قال إنّه غير مخلوق فقد ابتدع..
ومَن خالف الإجماع والتواتر فهو ضالٌّ مضل، ويفسق مَن خالف خبر الواحد..
وأنّ الدار إذا ظهر فيها القول بخلق القرآن والقدر وما يجري مجرى ذلك فهي دار كفر.
وأنّ الداعية إلى البدعة لا توبة له..
وأنّ مَن ترك الصلاة فقد كفر وحلّ قتله. 1
وهكذا أفرغ ابن حنبل ما في جُبّته بعد أن أطلق سهامه على جميع المخالفين له من أهل الرأي في دائرة أهل السنّة وخارج دائرتهم، ليسنّ سنّة الإرهاب والتطرّف في واقع المسلمين، تلك السنّة التي لا تزال آثارها ممتدّة حتّى اليوم ومتمثّلة في النهج الوهّابيّ.
وقد حمل تراث ابن حنبل جيل من الحنابلة، يساندهم قطّاع من عوام بغداد، انطلق يرهب الناس والمخالفين ويرفع راية التكفير والزندقة في مواجهتهم.
وإذا كان الأُستاذ الإمام بهذا القدر من التطرّف فكيف يكون حال تلاميذه؟
لا شكّ أنّ حجم مدافعهم سوف تكون أكبر وطلقاتهم سوف تكون أشدّ.
وهذا ما تشهد به وقائع التاريخ، فيما أطلق عليه المؤرِّخون فتن الحنابلة وهي
حوادث وقعت في فترات متفرِّقة ضمن حدود بغداد موطن الحنابلة، كان ضحيّتها المخالفين على الدوام فقهاء وعوام من السنّة والشيعة.
وكان الحنابلة قد قويت شوكتهم بدعم من المتوكّل العبّاسي، ومن بعده من خلفاء بني