29 - باب بيان ما ذكر الله في القرآن: وَ هُوَ مَعَكُمْ . (الحديد: 4)
- باب ما تأوّلت الجهمية من قول الله تعالى: هُوَ الْأَوَّلُ وَ الْآخِرُ . (الحديد: 3)
والجهمية تُنسب للجهم بن صفوان تلميذ الجعد بن درهم، وهي محل تركيز الحنابلة وابن تيمية والوهّابيّين من بعدهم.
قال ابن حنبل في شرح السنّة: وقد مضى سلف هذه الأُمّة وعلماء السنّة على أنّ القرآن كلام الله ووحيه ليس بخالق ولا مخلوق، والقول بخلق القرآن ضلالة وبدعة لم يتكلّم بها أحدٌ في عهد الصحابة والتابعين، وخالف الجماعة الجعد بن درهم فقتله خالد بن سعيد القسري بذلك، فخطب بواسط يوم أضحى، وقال: ارجعوا أيّها الناس فضحّوا تقبّل الله منكم، فإنّي مضحٍّ بالجعد بن درهم فإنّه زعم أنّ الله لم يتّخذ إبراهيم خليلاً، ولم يكلّم موسى تكليماً، سبحانه وتعالى عمّا يقول الجعد، ثمّ نزل فذبحه، وكان الجهم بن صفوان صاحب الجهمية أخذ هذا الكلام من الجعد بن درهم.
وقال عنه الأشعري في مقالات الإسلاميين: زعم الجهم أنّ الجنّة والنار تفنيان، وأنكر الرؤيا، وأنكر أن يكون الله على العرش.
وقال ابنُ حزم في الفصل بين الملل والنحل: اختلف الناس في ماهيّة الإيمان؛ فذهب قومٌ إلى أنّ الإيمان إنّما هو معرفة الله تعالى بالقلب فقط، وإن أظهر اليهودية والنصرانية وسائر الكفر بلسانه وعبادته، فإذا عرف الله تعالى بقلبه فهو مسلم من أهل الجنّة، وهذا قول: أبي محرز الجهم بن صفوان، وأبي الحسن الأشعري البصري، وأصحابهما.
واعتبره ابن تيمية إمام الجهمية الجبرية، ومن نفاة الصفات؛ حيث قال عنه في منهاج السنّة: إنّه في أواخر عصر التابعين من أوائل المائة الثانية حدثت بدعة الجهمية منكرة الصفات، وكان أوّل مَن أظهر ذلك الجعد بن درهم، ثمّ ظهر بهذا المذهب الجهم بن صفوان، ودخلت فيه بعد ذلك المعتزلة.