17إلى التوحيد وترك الشرك، ويزخرف لهم القول ويفهمهم أنّ ما عليه الناس كلّه شرك وضلال، ويُظهر لهم عقيدته شيئاً فشيئاً، فتبعه كثير من غوغاء الناس وعوام البوادي، وكان ابتداء ظهور أمره في المشرق سنة 1143ه-، واشتهر أمره بعد الخمسين وألف ومائة بنجد وقراها، فتبعه وقام بنصرته أمير الدرعية محمّد بن سعود، وجعل ذلك وسيلة إلى اتّساع ملكه ونفاذ أمره، فحمل أهل الدرعية على متابعة محمّد بن عبدالوهاب فيما يقول، فتبعه أهل الدرعية وما حولها، وما زال يطيعه على ذلك كثير من أحياء العرب حي بعد حي، وقبيلة بعد قبيلة حتّى قوي أمره فخافته البادية، فكان يقول لهم: إنّما أدعوكم إلى التوحيد وترك الشرك بالله، ويزيّن لهم القول وهم بوادي في غاية الجهل، لا يعرفون شيئاً من أمور الدين، فاستحسنوا ما جاءهم به.
وكان يقول لهم: إنّي أدعوكم إلى الدين، وجميع ما هو تحت السبع الطباق مشرك على الإطلاق، ومَن قتل مشركاً فله الجنّة، فتابعوه، وصارت نفوسهم بهذا القول مطمئنّة، فكان محمّد بن عبد الوهاب بينهم كالنبيّ في أُمّته، لا يتركون شيئاً ممّا يقول، ولا يفعلون شيئاً إلاّ بأمره، ويعظّمونه غاية التعظيم، وإذا قتلوا إنساناً أخذوا ماله وأعطوا الأمير محمّد بن سعود الخمس واقتسموا الباقي.
وكان أهل الحرمين قد سمعوا بظهورهم في نجد، وإفسادهم عقائد البوادي، ولم يعرفوا حقيقة ذلك، فلمّا وصل علماؤهم مكّة؛ أمر الشريف مسعود أن يناظر علماء الحرمين العلماء الذين بعثوهم ، فناظروهم فوجدوهم ضحكة ومسخرة كحمرٍ مستنفرة فرّت من قسورة، ونظروا إلى عقائدهم فإذا هي مشتملة على كثيرٍ من المنكرات، فبعد أن أقاموا عليهم الحجّة والبرهان، أمر الشريف مسعود قاضي الشرع أن يكتب حجّة بكفرهم الظاهر ليعلم به الأوّل والآخر، وأمر بسجن أُولئك الملاحدة الأنذال، ووضعهم في السلاسل والأغلال، فقبض منهم جماعة وسجنهم وفرّ الباقون.
وأشار دحلان إلى المذابح التي كان يرتكبها الوهّابيون في البلاد التي يستولون