42فقال(ص): إنّي أُحبُّ أن أسمعه من غيري.
فأخذتُ أقرأ من سورة النساء، حتّى إذا بلغتُ قوله تعالى:
( فَكَيْفَ إِذٰا جِئْنٰا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَ جِئْنٰا بِكَ عَلىٰ هٰؤُلاٰءِ شَهِيداً ) فاضت عينا رسولالله(ص) من الخشوع والخشية والإخبات لله ولتنزيله.
ولطالما جاءني بعض الصحابة إلى بيتي ليسمعوا منّي قراءة القرآن وتفسيره; ولأن قراءتي هكذا كانت، ترى الحجاج بن يوسف الثقفي والي العراق من قبل الأمويين، الذي عرف بمكره واشتهر بإجرامه وتعطشه للقتل وتعذيب الناس، تراه يمنع قراءة القرآن كما قرأته، فيقول في ضمن كلمة له يهدّد ويتوعد بها الناس: «...ولا أجد أحداً يقرأ عليّ قراءة ابن أمِّ عبد إلاّ ضربتُ عنقه...».
وكنتُ من الذين نزلت فيهم:
( وَ لاٰ تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدٰاةِ وَ الْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ). 1
نزلت في ستة نفر وأنا واحد منهم، حينما كنّا جلوساً عند رسول الله(ص)، فقال بعض زعماء قريش: إنّا لا نرضى أن نكون أتباعاً لهؤلاء فاطردهم عنك. فأنزل الله هذه الآية.
( وَ لَوْ أَنّٰا كَتَبْنٰا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيٰارِكُمْ مٰا فَعَلُوهُ إِلاّٰ قَلِيلٌ مِنْهُمْ ). 2
كنت من هذا القليل الذي استثناه الله تعالى، فقد قلنا: والله لو أمرنا لفعلنا فالحمد لله الذي عافانا، فقال رسول الله(ص) : إنّ من أمتي رجالاً، الإيمان في قلوبهم أنبت من الجبال الرواسي.
( اَلَّذِينَ اسْتَجٰابُوا لِلّٰهِ وَ الرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مٰا أَصٰابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَ اتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ ). 3