40
شَيْئاً وَ ضٰاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمٰا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ * ثُمَّ أَنْزَلَ اللّٰهُ سَكِينَتَهُ عَلىٰ رَسُولِهِ وَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَ أَنْزَلَ جُنُوداً لَمْ تَرَوْهٰا وَ عَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ ذٰلِكَ جَزٰاءُ الْكٰافِرِينَ * ثُمَّ يَتُوبُ اللّٰهُ مِنْ بَعْدِ ذٰلِكَ عَلىٰ مَنْ يَشٰاءُ وَ اللّٰهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ). 1
وبدأ رسول الله(ص) بتقسيم غنائم حنين على المسلمين، وعندها سمعت رجلاً يقول: إنّ هذه القسمة ما عُدل فيها، ما أريد بها وجه الله.
فقلت؟ فمن يعدل إذا لم يعدل الله ورسوله؟
وأتيتُ النبيَّ(ص) فأخبرتهُ، فتغيّر لونه حتّى ندمتُ على ما صنعت، ووددتُ أني لم أخبره.
ثمّ قال(ص):
«رحم الله موسى، قد أوذي بأكثر من هذا فصبر» .
وأنزل الله تعالى: ( وَ مِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقٰاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهٰا رَضُوا وَ إِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهٰا إِذٰا هُمْ يَسْخَطُونَ ). 2
لقد شهدتُ مع رسول الله(ص)كلّ مشاهده، ولم أتخلّف عنه أبداً، ولا غرابة في ذلك، فلقد تشرّفت بخدمته، ورافقته في حلّه وترحاله، حتّى صرتُ صاحب سرّه. قال لي رسولالله(ص):
«إذنُكَ عليَّ أن تسمع سِوادي (سرّي)، ويُرفَعَ الحجاب، حتّى أنهاك» ؛ فكنت ألجُ عليه، واُلبسه نعليه، وأمشي معه، وأستره إذا اغتسل، وأوقظه إذا نام، ولهذا كلّه ولغيره عرفتُ عند الصحابة بصاحب السواد والسواك، وصاحب سرّ رسول الله.
ولهذا أيضاً ترى بعضهم يعدّني واُمّي من آل النبيّ(ص) لكثرة دخولنا عليهم ولزومنا لهم؛ قال فيّ الصحابي الجليل حذيفة:
«كان أقرب الناس هدياً ودَلاً وسمتاً برسول الله(ص) ابن مسعود، حتّى يتوارى عنّا في بيته. ولقد علم المحفوظون من أصحاب محمد(ص) أنه من أقربهم إلى الله زلفاً» .
وكانت ملازمتي لرسول الله فرصةً مباركة، نافعة لي، تزوّدت منه إيماناً وحكمة وأدباً، واستقيتُ منه علماً ومعرفة، حتّى صرتُ فقيهاً في الدين، عالماً بالقضاء وأحكامه، عارفاً