16النازلة في حقّ عثمان هي في حقّ عليّ(ع) وسائر أصحابه.
ولو كان من المقدّر أن يبقى عثمان بعد وفاة رسول الله(ص) لكنت تراه يقف موقف سلمان وأبي ذر وعمار والمقداد في قِبال الأحداث، ولشاهدته من حواري أميرالمؤمنين(ع).
تعذيب قريش لعثمان وهجرته وزهده
وبعد أن أسلم عثمان (قدّس الله روحه) وأعلن إسلامه، واجهته قريش بالأذى والسطوة، كما هو ديدنها مع رسول الله(ص) وأصحابه. وكانت بنو جُمح تؤذي عثمان وتضربه وهو فيهم ذو سطوة وقَدْر. 1
ولمّا اشتدّ أذى المشركين على الذين أسلموا، وفتن منهم من فتن، أذن الله سبحانه لهم بالهجرة الأولى إلى أرض الحبشة، التي كانت متجراً لقريش يجدون فيها رفقاً من الرزق وأماناً. فخرجوا متسلّلين سرّاً، وأميرهم عثمان بن مظعون، فيسّر الله لهم ساعة وصولهم إلى الساحل سفينتين للتجار، فحملوهم فيها إلى أرض الحبشة، وخرجت قريش في أثرهم، ولمّا وصلوا البحر لم يدركوا منهم أحداً.
ومكث عثمان بن مظعون وأصحابه في الحبشة، حتّى بلغهم أنّ قريشاً قد أسلمت، فأقبلوا نحو مكة، وما إن اقتربوا منها حتّى عرفوا أنّ قريشاً لم تسلم، وأنها ما زالت على عدائها لرسول الله(ص) فثقل عليهم أن يرجعوا، وتخوّفوا أن يدخلوا مكة بغير جوار من بعض أهل مكة، فمكثوا مكانهم حتّى دخل كلّ رجل منهم بجوار من بعض أهل مكة، ودخل عثمان بن مظعون مكة بجوار الوليد بن المغيرة.
ولمّا رأى عثمان ما يلقى رسول الله(ص) وأصحابه من الأذى والبلاء، وهو يغدو ويروح بأمان الوليد بن المغيرة، قال: والله، إنّ غدوّي ورواحي آمناً بجوار رجل من أهل الشرك، وأصحابي وأهل ديني يلقون من الأذى والبلاء في الله ما لا يصيبني، لنقصٌ كبير في نفسي.