9فكان لأتباع أهل البيت عليهم السلام الغلبة الفكريّة على الجميع بلا استثناء، ولم يجد الأعداءُ وسيلةً لإيقاف هذا المدّ الشيعي إلّا باتّباع أساليب لا تنسجم مع روح الإسلام الذي عُرف بأنّه دينُ البرهان والدليل والحوار والكلم الطيّب والجدال بالتي هي أحسن، فجنّدوا كلَّ طاقاتهم لزرع الحقد والعداوة والكراهية في قلوب الأجيال عبر مختلف طرق التبليغ؛ ابتداءً بالخطب والمحاضرات، ونشر الكرّاسات والكتب والمجلّات، ثمّ مع مرور الزمان و تطوّر وسائل الإعلام قاموا أيضاً بتسخير وسائل الإعلام المسموعة و المرئية، ومواقع الإنترنيت، وغيرها. بل عمدوا إلى إدخال كتب العقائد الخلافيّة في المناهج الدراسيّة، وإنشاء المعاهد والجامعات لتربية أصحاب الفكر المتشدّد والمتطرّف، حتّى تخرّجت منها جماعة من الكتّاب لم ترقب لأحدٍ ذمّةً ولم تراعِ حرمة؛ كإحسان إلهي ظهير، وإبراهيم الجبهان، وناصر بن عبدالله بن علي القفاري، وعلي السالوس، وغيرهم كثير.
وقد اتّسمت كتاباتُهم بشكل عامّ باللاموضوعيّة، والشدّة، والتهجّم السافر على الآخرين، وعدم الإنصاف، والابتعاد عن منهج البحث العلمى في المسائل الخلافيّة، ومن المعلوم أنّ أهمّ العناصر التي يجب الالتزام بها من قِبَل الباحث في الفكر العقائدي المقارَن، هي مراعاة الأمانة العلميّة في النقل والضبط والبيان، والورع، وأداء الحقّ واتّباعه، كما قال سبحانه وتعالى فى كتابه الكريم: «اَلَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولٰئِكَ الَّذِينَ هَدٰاهُمُ اللّٰهُ وَ أُولٰئِكَ هُمْ أُولُوا الْأَلْبٰابِ » (الزمر: 18)
وينبغي النظر إلى المسائل الاتّفاقية بعين الاعتبار والأهمّية، فإنّ نقاط الاشتراك والالتقاء في الأُصول والفروع لدى المسلمين هى أكثر من نقاط الاختلاف والافتراق، وهذه الأُمور المشتركة بمثابة القاعدة الثابتة التي ينطلق المرء منها في المعرفة الدينية الإسلاميّة.
كما لابدّ من الإنصاف والتزام الموضوعيّة في التعامل مع المسائل الخلافيّة الموجودة بين أئمّة المذاهب الإسلاميّة، فالخلاف مسألة طبيعيّة، وهو ميزة البحث الفكري، بل