11
«اَلْبَلَدِ الْأَمِينِ»
1
، ببلد التين وهو المدينة، وبلد الزيتون وهو بيت المقدس، وطور سينين الكوفة، والبلد الأمين وهو مكة، كما ورد ذلك عن الكاظم عليه السلام حيث قال:
«واختار من البلدان أربعة فقال عز وجل: (وَ التِّينِ وَ الزَّيْتُونِ * وَ طُورِ سِينِينَ * وَ هذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ)
فالتين المدينة، والزيتون بيت المقدس، وطور سينين الكوفة، وهذا البلد الأمين مكة» 2 هذا من طرقنا.
وكذلك من طرق السنة، ولكن بتفسير التين بالبيت الحرام، وتفسير الطور بأنه الجبل الذي كلم الله عز وجل موسى عليه السلام 3، ولا تَنافي في ذلك إذ لعل ذلك هو الوادي المقدس بين جبل طور والكوفة، كما ذكر ذلك بعض المفسرين.
وقد ورد في الحديث أن محل قبر أمير المؤمنين عليه السلام أول طور سيناء، عن أبي جعفر الباقر عليه السلام قال:
«كان في وصية أمير المؤمنين عليه السلام أن أخرجوني إلى الظهر (أي ظهر الكوفة) فإذا تصوبت أقدامكم واستقبلكم ريح فادفنوني، وهو أول طور سيناء، ففعلوا ذلك» 4.
والحاصل: بأن القرآن الكريم يؤكد أن هناك بقاع مقدسة مباركة تُعظم ويُتقرب فيها إلى الله عز وجل وجعل الحرمة لها فهذه الآية في صدد القسم والتعظيم بدلالة الاقتضاء بدلالة الالتزامية بأن الله سبحانه وتعالى يُعظم هذه المواضع الأربعة فعندما يُعظم هذه المواضع الأربعة بدلالة الالتزامية فإنه يجعل لها حرمة وبالتالي يُشعرها وبأنها محل تعظيم وحفاوة ربانية منه تعالى.
ولكي يستفاد من هذه الآية بأنها في صدد تشعير هذه المواضع المقصودة نحتاج إلى عدة مقدمات بحيث يُستفاد منها ذلك المعنى ونحن في صدد بيان هذه القاعدة الفقهية التي لها جذر عقائدي بأن قبور ومشاهد أئمة أهل البيت عليهم أفضل الصلاة والسلام مشاعر إلهية، فإذاً هذه القاعدة الدينية والمعلم الديني العظيم العام له حرمة بل حرمات في قِبال من ينتهج