18 ذات شعور وإدراك تدير وتنظّم شؤون هذا العالم، وقالوا بأنّ العالم لم يخلق على أساس من التنظيم المتقن والمسبق، وإنّما خُلِق نتيجة سلسلة من التفاعلات الطويلة والحركات المتتالية من دون أن يكون وراء هذه العلل أيّ تخطيط أو تنظيم.
يرد عليه:
1- البحوث العلمية التي أجراها العلماء في مختلف مجالات العلوم أثبتت بأنّ الأشياء الموجودة في العالم خُلقت وفق نظام تهيمن عليه حسابات دقيقة مدهشة بحيث يكون من المستحيل للمادّة الصمّاء والعلل التي لا تمتلك الشعور والإدراك أن تكون سبباً لخلق هذا النظام.
2- لا ينكر أحد وجود «الصدفة» في العالم؛ لأنّها موجودة بمفهوم نسبي لامطلق، ولكن لا يخفى بأنّ «الصدفة» عمياء وغير مدركة وغير منظّمة ولاتخضع لأيّ حساب وقانون، ولهذا كلّما ازداد الشيء تعقيداً في نظامه ضعف احتمال الصدفة في حصول أثره.
مثال:
إذا مسك أحد الأطفال قلماً، وكتب حرفين على ورقة، فإنّنا يسعنا احتمال وقوع الصدفة في كتابة هذا الطفل لهذين الحرفين.
ولكن إذا كتب هذا الطفل رسالة ذات معاني رائعة وجميلة، فإنّنا نجزم بأنّ الأمر لم يحدث صدفة، بل يثبت عندنا بأنّ هذا الطفل عارف بالقراءة والكتابة.
3- لو سلّمنا بأنّ «الصدفة» لعبت دوراً هامّاً في خلق هذا العالم، فإنّنا لانسلّم بأنّ الصدفة قادرة على خلق شيء لا من شيء، بل غاية ما تقوم به الصدفة عبارة عن إيجاد مخلوق جديد متكوّن من أشياء كانت موجودة قبله، ولهذا تعجز نظرية «الصدفة» عن بيان منشأ الذّرات الأوّلية المكوّنة للعالم.
4- غاية ما تقوم به الصدفة عبارة عن «تأثير الأشياء بصورة لا شعورية على الأشياء الأخرى»، ولكنّنا عندما نتأمّل ونتدبّر في هذا العالم نرى وجود انسجام بين أحداثه وظواهره.