31
الشبهة الثانية: لزوم تبدّل دين الله فى المعني العرفى للشعائر
تفصيل الشبهة
1- إنَّ شعائر الله هي علائم عبادته ومعالم دينه، وعلى هذا فلابدّ أن يكون جعلها بيد الشارع، ولا يحق لغير الشارع، من عقلاءٍ أو عُرف، أن يجعلوا شعائر وعلائم، فشعائر الله تعالى ليست علائم عقلائية أو عُرفية مرتبطة بشؤون العرف والعقلاء- من قبيل شعائر الحرب والثورات والنهضات والأحزاب السياسية- لكي يكون جعلها واعتبارها بأيدي العرف والعقلاء. وعلى هذا فلا بدّ أن يكون جعلها ووضعها بيد الله، لذا يقول تعالى: وَ الْبُدْنَ جَعَلْنٰاهٰا لَكُمْ مِنْ شَعٰائِرِ اللّٰهِ لَكُمْ فِيهٰا خَيْرٌ (انعام:57)، ممّا يكشف عن أنَّ الجعل بيد الشارع المقدَّس.
2- لو فرضنا أنّ جعل الشعائر الدينية بيد أهل العُرف؛ للزم تبدّل دين الله وتغيُّر شريعته، ولصارت أحكام الله تابعة لسلائق الناس وعاداتهم ورسومهم، بل لَيلزم أن تكون عادة كل إقليم ورسم كل قبيلة شعاراً من شعائر الله.
ويترتَّب على ذلك تحليل الحرام وتحريم الحلال؛ إذ رُبَّ فعلٍ ممنوع في الشريعة لا قُبح فيه عند قوم؛ لِما جرت عادتهم على الإتيان به، بل التبرّك به، وبالعكس، رُبَّ فعل جائز في الشريعة جرت عادة قوم من الناس