9
مقدمة المحقق
الحمد لله ربِّ العالمين والصلاة والسلام على أشرف الخلق أجمعين محمد وآله الطيبين الطاهرين، وبعد....
ارتحل رسول الله الأكرم (ص) إلى خالقه بعد أن أرسى قواعد الحياة الجديدة للبشريّة على هذا الكوكب المضطرب، حيث وضعها في المسار الصحيح الذي أرادته لها السماء.
وما أن ارتحل (ص) حتّى اجتهد بعض ممّن يرى في نفسه الكفاءة في استخلافه، فصيّر الأمر شورى، ومرّت سنون على تلك الشورى، ثم سرعان ما انقلبت إلى مسالة نصّيّةٍ في نفر محدد سلفاً! وهذا السير في عملية الاستخلاف نشأ عنه إرباكٌ في تسيير دفة الحياة.
فظهرت نتوءاتٌ نمت وتعرشت وتجذّرت حتّى أصبح من عسير الأمر التخلّص منها ومن آثارها الّتي أصبحت حقيقةً جرت عليها معائش الناس.
ولا يختلف العقلاء في أنّ النتائج تابعة لمقدماتها، فإن كانت المقدّمة صحيحة سوف تكون النتيجة صحيحة أيضاً، والعكس صحيح.
ولكن يبقى في الذهن موضع للتفكير، وظيفته تعيين الأسس اللازمة لوضع الأمور في نصابها الصحيح، وهذا الحيّز المفكّر يسأل ويقول: إنّ وجود مساحةٍ مشوّشةٍ في أرضيّة الشريعة من حيث التطبيق لابدّ أن تكون لها بداياتٌ، بمعنى أنّ هناك حالةً من السير غير الصحيح، فهل أنّها ياترى نجمت عن الشورى؟ أم أنّها نشأت من حالة التعيين المباشر اللاحقة لها؟