10مع أنّنا نسمع من الخليفة الأوّل قوله المشهور:
«أقيلوني فلست بخيركم» و
«أنّ لي شيطاناً يعتريني» . 1
ونسمع من الخليفة الثاني قوله المشهور:
«إنّ بيعة أبي بكر كانت فلتةً وقى الله المسلمين شرّها» . 2
ونرى النهاية المرّة والمفجعة والسيئة للخليفة الثالث.
وباختصارٍ شديدٍ، فإنّ هذه المقدمة لو أتيح لها أن تتوسّع لأصبحت سفراً يقف فيه العطشان على موارد الظمآن، بعد تحليل نفوس الخلفاء الثلاثة الأوائل الذين جاؤوا إلى سدّة الحكم بالشورى تارةً وتارةً بالتعيين المباشر، مع حالة الاضطراب النفسي لهم جميعاً، الّتي هي شاهد على عدم الكمال فيهم ومع عدم الكمال فلا يصحّ التصدّي والتصدّر لحكم الناس؛ لقصور الناقص غير المكتمل عن فهم مراد السماء من التشريعات الّتي أنزلت كقوانين لإدارة حياة البشر، وفي التأريخ شواهد مؤيّدة لهذا المدّعى.
إذن لابدّ من استخلاف انسانٍ لكي يتمكن من إبلاغ رسالة السماء للبشرية بعد النبيّ الأكرم (ص) وهو الإمام المعصوم الذي نصّت عليه السماء، وذلك طبقاً لنظرية مذهب الإماميّة الاثني عشرية تحديداً.
ولقد كثر الجدل حول استحقاق الثلاثة مرتبة الخلافة، وبذل لهذا الموضوع الكثير من الجهد والعناء، حتّى تربّعوا على كرسي الخلافة متسلّطين على رقاب الخلق، مع أنّهم يعلمون كلّ العلم بعدم لياقتهم لذلك، لأنّ تعيين خليفة النبي من مختصّات الإله وحده ذي الشأن والتدبير، العارف بالصلاح والفساد، حتّى نقل لنا التأريخ من الشواهد على ألسنتهم اعترافهم بعدم صلاحيتهم لمنصب الاستخلاف، الذي لم يتركه الرسول الأكرم شاغراً، بل شرّع له بأمر السماء من يليق به، ونصّ عليه بالنصّ الجلي حول إمامة أمير المؤمنين علي(ع)، وقد أبت نفوس ذلك فردّت الأمر الإلهي واستحقّت بذلك الردّ الخروج عن ربقة الدين،