23
قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَ أَضَلُّوا كَثِيراً وَ ضَلُّوا عَنْ سَوٰاءِ السَّبِيلِ). 1
وهناك الكثير من الأبحاث في التأريخ الإسلامي حول مفهوم الغلو وجذوره ولكن ما يمكننا قوله على عجالة وبشكل موجز أنَّ في مفهوم الغلو نوع من الإبهام وعدم الدقة في تشخيص مصداقه، وعلى الرغم من اعتبار تيّار الغلو تيّاراً منحرفاً من قبل السنّة والشيعة على السواء، وعدم قبوله على أيّ مستوى كان، ولكنّ المهم في الأمر هو أن نشخّص مصداق الغلو وما ينطبق عليه مفهوم واصطلاح الغلو بدقّة، ومعرفة الفرقة المغالية أو الانسان المغالي. والغموض الذي يكتنف هذه المسألة هو أحد الخلافات بين الشيعة والسنّة، بل حتى بين الشيعة أنفسهم.
فأهل السنّة الذين هم بشكل عام يحترمون أهلالبيت، يعتبرون اعتقاد الشيعة بالأئمّة وموالاتهم لهم نوعاً من الغلو والافراط، ويؤاخذونهم على ما يعتقدونه من مقام رفيع لأهلالبيت(ع). بينما يعتقد الشيعة أن موالاة أهلالبيت(ع) هي من المعتقدات الإسلامية الاصيلة ولايمكن أن تكون غلوّاً بأي نحوٍ كان.
نعم قد يُفرط البعض في معتقداتهم ويدّعون أُموراً سخيفةً من قبيل القول بألوهية علي(ع)! وهذه الاعتقادات في واقعها مصداقٌ جليٌّ للغلوّ، لكنّ التشيع والشيعة براء من ذلك ومنزّهون عنه. والشيعة هم أيضاً يعدّون مثل هذه التصوّرات والآراء كفر صريح ولا يقبلون أن تشيع بين أوساطهم بتاتاً، ولذا فإنّ الخلط بين الغلاة والشيعة هو تخبّطٌ وخطأ فادحٌ ولا أساس له من الصحّة.