74
أنَّني إن حدّدتها لم تردّها. فعند ذلك عزم على قتله 1 .
وقريب من هذا المعنى أشارت إليه رواية الشّيخ الكليني في الكافي بسنده عن علي بن أسباط، من أنَّ الإمام الكاظم (ع) لمّا رأى المهدي العباسي يردّ المظالم، قال له:
"ما بال مظلمتنا لا تُردّ؟ " فقال له: وما ذاك يا أبا الحسن؟ قال: " إنَّ الله تبارك وتعالى لمّا فتح على نبيّه (ص) فدك وما والاها، لم يوجف عليه بخَيل ولا ركاب، فأنزل الله على نبيّه (ص) وَ آتِ ذَا الْقُرْبىٰ حَقَّهُ ... فدعاها رسول الله (ص) فقال لها: يا فاطمة، إنَّ الله أمرني أن أدفع إليك فدك، فقالت: قد قبلتُ يا رسول الله من الله ومنك، فلم يزل وكلاؤها فيها حياة رسولالله (ص) ،فلمّا ولي أبو بكر أخرج عنها وكلاءها....
فقال له المهدي: يا أبا الحسن، حدّها لي. فقال: حَدٌّ منها جبل أُحد، وحدٌّ منها عريش مصر، وحدٌّ منها سيف البحر، وحدٌّ منها دومة الجندل... 2.
فالإمام (ع) إنّما قصد في هذه الرّواية هو أنَّ فدك ببُعدها المعنوي تمثِّل كلّ حدود الدّولة الإسلاميّة، فإذا كان المهدي العباسي صادقاً في دعواه ردّ المظالم، فليَردّ مظلومية أهل البيت عليهم السلام الكبرى، وهي حقّهم في خلافة الرّسول (ص) ، وقيادة الأمّة طبق موازين الإسلام الواقعية، الّتي لا يعرفها بعد نبي الإسلام (ص) غيرهم عليهم السلام .
وهذا المعنى لا يدركه إحسان إلهي ظهير وأضرابه، ممَّن ابتعدوا عن مَعين أهلالبيت عليهم السلام العذب الصافي الطاهر؛ ولذا قابل الرّواية المتقدِّمة للشيخ الكليني بالتهجّم والسخرية، حيث قال:
والرواية الثانية الّتي نذكرها هي طريفة، ومرويّة أيضاً في الأصول من الكافي: أنَّ أبا الحسن موسى... ورد على المهدي ورآه يردّ المظالم، فقال: ... . فقال له المهدي: يا أبا الحسن، حدّها لي. فقال: "حدٌّ منها جبل