37
وأصابت آخراً» ، فلعمري أنَّها كفَّت عن الطّلب الّذي هو المنازعة والمشاحّة، لكنَّها انصرفت مُغضبة متظلِّمة متألِّمة، والأمر في غضبها وسخطها أظهر من أن يخفى على مُنصِف؛ فقد روى أكثر الرّواة، الذين لا يُتَّهمون بتشيّع ولا عصبية فيه، من كلامها عليها السلام في تلك الحال وبعد انصرافها عن مقام المنازعة والمطالبة، ما يدلّ على ما ذكرناه، من سخطها وغضبها.
ونحن نذكر من ذلك ما يُستدَلّ به على صحّة قولنا.
أخبرنا أبو عبد الله محمّد بن عمران المرزباني، قال: [حدَّثني محمّد بن أحمد الكاتب]، حدَّثنا أحمد بن عبيد بن ناصح النّحوي، قال: حدَّثنا الزّيادي، قال: حدَّثنا الشّرقي بن القطامي عن محمّد بن إسحاق، قال: حدَّثنا صالح بن كيسان عن عروة عن عائشة.
قال المرزباني: وحدَّثنا أبو بكر أحمد بن محمّد المكّي، قال: حدَّثنا أبو العيناء محمّد بن القاسم السيمامي، قال: حدَّثنا ابن عائشة 1، قال: «لمَّا قبض رسولالله(ص)،
أقبلت فاطمة عليها السلام في لُمَّةٍ من حفدتها إلى أبي بكر».
وفي الرّواية الأُولى قالت عائشة:
«لمَّا سمعت فاطمة عليها السلام إجماع أبي بكر على منعها فدك، لاثَت خمارها على رأسها، واشتملت بجلبابِها، وأقبلت في لُمَّةٍ من حفدتها».
ثُمَّ اجتمعت الروايتان من هاهنا:
ونساء قومها، تطأ ذيولها ما تخرم مشيتها مشية رسول الله (ص) ،حتّى دخلت على أبي بكر وهو في حشد من المهاجرين والأنصار وغيرهم، فنيطتْ دونها مُلاءة، ثُمَّ أنَّتْ أنَّةً أجهش القوم لها بالبكاء، وارتجَّ المجلس، ثُمَّ أمهلت هُنيئة، حتّى إذا سكن نشيج القوم وهدأت فورتهم،