33 قوله تعالى: ( تَجْرِي بِأَمْرِهِ ) .
ونقرأ في آية أخرى:
(وَ لِسُلَيْمٰانَ الرِّيحَ غُدُوُّهٰا شَهْرٌ وَ رَوٰاحُهٰا شَهْرٌ) (سبأ: 12).
وهذا يدلّ على قدرة سليمان بأن يجتاز خلال يوم واحد، ما تجتازه الدوابّ أنذاك خلال شهرين، ولا يخفى أنّ الله تعالى سخّر الريح له، ولكن عبارة: ( تَجْرِي بِأَمْرِهِ ) ، تكشف بوضوح تأثير أمر سليمان وإرادته في استثمار هذه الظاهرة الطبيعيّة من قبيل تعيين زمان حركة الريح واتّجاهها وزمان توقّفها.
ويستفاد أيضاً من الآيات المرتبطة بالنبي سليمان(ع) بأنّ الله تعالى مكّنه من السيطرة على الكثير من الظواهر الطبيعة المتمرّدة وسخّرها له، فكان(ع) يسيّرها كما يشاء بإذن الله، منها ما جاء في قوله تعالى: ( وَ أَسَلْنٰا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ ) (سباء: 12).
والمقصود من (عين القطر) هنا (النحاس) الذي هو من المعادن الصّلبة، لكنّ الله تعالى جعله ليّناً له كي يصنع منه ما يشاء.
ومنها تعامله(ع) مع الجنّ، وهي كائنات لا ترى بالعين الطبيعيّة، فمكّنه الله من السيطرة عليهم وتوظيفهم كيفما يشاء.
قال تعالى: ( وَ مِنَ الْجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ ... * يَعْمَلُونَ لَهُ مٰا يَشٰاءُ.... ) (سبأ: 12و13).
ويفهم من الآيات المذكورة أنّ قدرة سليمان على تسخير الريح كانت كقدرته على تسخير الظواهر الطبيعيّة الأخرى، وإذن الله في هذا المجال لايعنى تدخّل إرادة الله فقط في تحقّق هذا الأمر، بل إنّ الله عزّ وجلّ جعل لإرادة النبي سليمان الدور في تسخير هذه الظواهر. وكان سليمان بإرادته يجرى الرياح، وبإرادته يسيل القطر، وبإرادته يُسخّر الجنّ؛ ولكنّ هذا كلّه