30
الرابع: بيان دلالات النصب
لمّا كان بغض علي عليه السلام وأهل بيته بأيّ مظهر ظهر، وبأيّ مبرزٍ برز، هو دالٌ، كان لابد له من مدلولٍ يدلّ عليه، ولم تترك الشريعة هذا الأمر المهم حتى أولته عناية قلَّ نظيرها؛ فقد وردت روايات وآثار في مختلف مصادر الحديث الإسلامية توضِّح ذلك، وتبيّن ما هي مداليل بغض أمير المؤمنين علي عليه السلام ، وتكشف عن حقيقة المُبغِض وحاله.
والذي يهمنا هنا الوقوف على الروايات الصحاح على مباني الجمهور، والتي تشير بصراحة قاطعة إلى ذلك الأمر. وفيما يلي طائفة من تلك الأخبار.
1- بغض علي عليه السلام علامة النفاق.
أخرج مسلم، بسنده عن علي بن أبي طالب عليه السلام أنَّه قال: «والذي فلق الحبة، وبرأ النسمة، أنَّه لعهد النبي الأُمّي (ص) إلي أن لا يحبني إلاّ مؤمن، ولا يبغضني إلاّ منافق». 1
وهذا النص قطعي الدلالة على كون المُبغِض من أهل النفاق، فهو نص في المطلوب. فعلى هذا يثبت - بما لا يقبل أدنى شك وتأمل - بأنَّ الناصبي منافق، مقطوع بنفاقه، وهذه النتيجة ليست استحساناً أو قياساً، أو تكلّفاً عقلياً أو منطقياً، بل هي نتيجة مقطوع بها من خلال نص الشريعة على ذلك.
ولا يُقال إنَّ النصوص إنّما ذكرت المبغض لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام ولم تذكر عنوان (الناصبي).
فجواب ذلك واضح جداً، إذ من المقطوع به ممّا مرّ من أقوال أهل اللغة وأهل الاصطلاح، أنَّ الناصبي هو المبغض لعلي عليه السلام ، وليس هناك تغاير بينهما، فيثبت حينئذٍ أنَّ المبغض لعلي عليه السلام منافق.
ثُمَّ إنَّ موقف الشريعة من المنافق واضح وجليّ، ومبيَّن في نصوص لاحصر لها، ولا داعي لإيضاحه هنا؛ لأنَّه من أوضح الواضحات.