53الموقف المتشدِّد والمتصلِّب، لكنَّ البراءة من المشركين والجاحدين والناكثين والمكذِّبين في الثقافة الشيعية، لا تنحصر بيومٍ خاصّ.
يا تُرى ما هوالسرّ في كلّ هذه الوصايا المؤكّدة من قِبل المعصومين في اللّعن والبراءة من أعداء أهل بيت النبي(ص)، وخاصّة أمير المؤمنين(ع)، والذي سعى الحكم الأموي جاهداً إلى محوذكره وأثره؟
ألا يُستفاد من هذا التراث الضخم أنَّ اللَّعن والبراءة واجب ضروري عندما يتعرّض كيان الإسلام إلى مخاطر من قِبل الكفّار والمستكبرين، ومحاولاتهم الرامية إلى هدم كيانه وأتباعه؟!
ما الفرق بين أعداء الأُمَّة الإسلامية في عالمنا اليوم وأعدائها في القرون السالفة؟ ألم يكونوا اليوم أكثر غطرسة ووقاحة في مهاجمة دين الله؟! ألا يُستَشَفّ هذا المعنى من كلام الإمام الصادق(ع) عندما يقول:
«..والبراءة من الأنصاب والأزلام وأئمَّة الضلال وقادة الجور كلّهم، أوّلهم وآخرهم واجبة» 1.
نعم، مادام هناك توحيد، هناك براءة مُضمَرة في باطنه، ولايدرك التوحيد إلّا بالقيام بهذا التكليف الإلهي، ولعلَّ السكوت أوالاسترخاء لحياة هادئة، دون التعرّض لمظاهر الشرك والظلم واللامساواة، وتبرير هذا الاسترخاء؛ يدخل في مجال الشرك الخفيّ، الذي يلوِّث إيمان وسلوك الفرد من حيث لايشعر، كما فعل البعض إبَّان حكم الشاه في ايران، حيث برَّروا خنوعهم أمام سلطته بأعذار،كالتقية، واشتراط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على التأثير، واحتمال هتك قُدسية الحوزة والمؤسّسة الدينية، وفقدان التوازن في قوى الطرفين، وأمثال هذه التبريرات، وآثروا زُخرف الحياة وحلقات البحث
الدراسية الهادئة على القيام بوجه الطاغوت والتعرّض للحبس والنفي.