44علماً وعملاً وتطبيقاً.
إذن، معاوية نجح في رسم الخطة التي حاكها، من خلال استمالة بعض النفوس من أفراد ورؤساء جيشه(ع)، لذا لم يجد الإمام بُداً إلّا بالتسليم لواقعٍ فرضته تلك المعادلة الظالمة.
ولكنَّ الإمام لم يترك تلك المعادلة تسير وفق أهواء معاوية؛ لذا قام بخيرِ مشروعٍ يكشف من خلاله سياسة معاوية الرعناء في تولّيه لخلافة رسولالله(ص)، وهو قبوله لمبدأ الصُلح، وهذا ما سوف نتكلَّم عنه في الفصول اللاحقة.
ولكن قبل ذلك لابدّ أن نوضِّح سياسة الإمام الحسن في مقابل سياسة معاوية الآنفة الذكر، والقائمة على الغدر وعدم العدل، بل والقتل والمطامع الشخصية، لتثبيت أركان دولته وسلطته بأيِّ ثمنٍ كان.
خلاصة سياسة الإمام الحسن(ع)
في قِبال سياسة معاوية الملتوية، نجد أنَّ سياسة البيت العلوي قائمة على التعقُّل والعدل والإنصاف، وعدم المداهنة والمراوغة، وهذه السياسة شيّد أركانها الإمام علي(ع)، فلو عدنا وأخذنا بعض تلك النماذج من سياسته مع خصومه، التي تشدِّد النكير على الغدر والمكر لاتّضح ذلك، فقال عليه السلام، ناقداً لهذه الصفة الذميمة، في إحدى خطبه:
أيُّها الناس، إيّاكم والخديعة؛ فإنَّها من خُلق اللئام، تصفية العمل أشدّ من العمل، وتخليص النية من الفساد أشدّ على العاملين من طول الجهاد، هيهات، لولا التُقى لكنت أدهى العرب. 1