15على أنّه يردّها قوله تعالىٰ في غير موضع من القرآن فَإِذٰا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللّٰهَ مُخْلِصِينَ .
حيث دلّت الآية على لزوم الدعاء إلىٰ اللّٰه في قضاء الحاجات ، والنجاة من الهلكات منه سبحانه تعالى ، وأنّ ما عداه شِرْك مُنافٍ للإخلاص .
وعليه يلزم التناقض بين الآيتين .
ودفعه لا يكون إلّابدعوى : أنّ الاستعانة بالغير على وجه الاستقلال والاستبداد - بإلغاء ذي الواسطة - فيكون شركاً مُنافياً للعبادة والخلوص ، كما تقدّم في معنى الشرك .
وهذا من غير فرق بين جعل الواسطة في الأُمور المتعلّقة بهذه النشأة أو غيرها ؛ حيث إنّ الشرك حرام شرعاً وقبيح عقلاً ، وحكم العقل ليس قابلاً للتخصيص ولا التبعيض ، وقد قَبِله الشرع مع اتّحاد المناط في الحرمة .
[أدلة المنع من الاستشفاع]
فدعوى المتكلّف : أنّ الاستشفاع بغير اللّٰه شرك ، مستدلّا :
تارة بقوله : مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاّٰ بِإِذْنِهِ .
وأخرى بقوله تعالى : وَ لاٰ يَشْفَعُونَ إِلاّٰ لِمَنِ ارْتَضىٰ .
ومرّة بقوله تعالى في سورة سبأ :
لاٰ تَنْفَعُ الشَّفٰاعَةُ إِلاّٰ مَنْ أَذِنَ لَهُ .
وتارة بقوله تعالى في سورة طه : يَوْمَئِذٍ لاٰ تَنْفَعُ الشَّفٰاعَةُ إِلاّٰ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمٰنُ وَ رَضِيَ لَهُ قَوْلاً .
وأُخرى بقوله تعالى : مٰا نَعْبُدُهُمْ إِلاّٰ لِيُقَرِّبُونٰا إِلَى اللّٰهِ زُلْفىٰ .
إلىٰ آخر ما استشهد به لدعواه .